لماذا الحرائق المستعرة في غابات الأمازون تثير غضبا دوليا؟

اوراق:يثير عدد قياسي من الحرائق المستعرة في غابات الأمازون غضبا دوليا بسبب أهمية هذه الغابات المطيرة بالنسبة للبيئة، وكذلك للاقتصاد، ودفعت رئيس البرازيل غايير بولسونارو مُكرها إلى إرسال الجيش للمساعدة في مكافحتها.

وفيما يلي ما نحتاج معرفته عن الكارثة:

لماذا غابات الأمازون مهمة؟

غابات الأمازون، التي يقع 60% منها في البرازيل، هي أكبر غابة استوائية مطيرة في العالم. وتشتهر بالتنوع البيولوجي إذ توجد فيها أنواع فريدة كثيرة من النباتات والحيوانات. وتمتص هذه الأدغال الكثيفة كمية هائلة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، وهو غاز يعتقد أنه أكبر مسؤول عن الاحتباس الحراري المُسَبِّب للتغير المناخي. لذا يقول العلماء أن الحفاظ على غابات الأمازون أمر جوهري في محاربة الاحتباس الحراري، وتجنب تداعياته البيئية والاقتصادية الخطيرة.

وكانت حرائق الغابات في كل أنحاء البرازيل قد وصلت منذ بداية هذا العام إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2003، حيث زادت بنسبة 84% مقارنة بالفترة المقابلة قبل عام، وذلك حسبما أفادت وكالة أبحاث الفضاء البرازيلية. فقد اندلع 78383 حريقا منذ بداية العام، نصفهم تقريبا في خلال الشهر الحالي وحده.

وشهدت ثمان من ولايات البرازيل التسع زيادة في الحرائق، وبلغت الزيادة 146% في ولاية أمازوناس الأكبر في البلاد. وقال سكان في ولايتي هوندونيا وأمازوناس إنهم يشهدون حرائق في كل عام، لكنها لم تكن بهذا السوء من قبل، مع سحب دخان تغطي المنطقة.

ما سبب اندلاع الحرائق؟

غالبا ما يتم إشعال حرائق في غابات الأمازون عمدا لإخلاء الأرض. وبعد أن يحصل قاطعو الخشب على ما يريدون، يحرق مضاربون ما يتبقى من نباتات لإخلاء الأرض على أمل بيعها للمزارعين. وتفصل عدة أشهر غابات الأمازون عن موسم الجفاف الذي يمكن فيه لهذه الحرائق أن تنتشر خارج نطاق السيطرة بشكل أسهل.
وارتفع معدل إزالة الغابات في الشهور السبعة الأولى من العام الحالي بنسبة 67% مقارنة بالعام الماضي، وزاد بأكثر من ثلاثة أمثاله في يوليو/تموز وحده. ويعتقد نشطاء البيئة أن من يقطعون الغابات هم من يبدأون الحرائق.

كيف كان رد حكومة البرازيل؟

أشار بولسونارو في بادئ الأمر إلى أن الحرائق أمر طبيعي، ثم قال أن منظمات غير حكومية تشعل الحرائق لإلحاق الضرر بحكومته. ولم يقدم دليلا على هذا وتراجع لاحقا عن هذا الاتهام.  وقال إن بلاده لا تملك الموارد اللازمة لمكافحة حرائق في منطقة بحجم غابات الأمازون، فيما حذر الدول الأخرى من التدخل، وذكر أن التمويل الأجنبي يهدف إلى تقويض سيادة البرازيل. وقررت الحكومة الآن نشر الجيش لمكافحة الحرائق وطلبت عدة ولايات في منطقة الأمازون دعمه. ولا يزال من غير الواضح كيف سيتم نشر الجيش ولا مدى فعاليته.

ماذا يقول قادة العالم؟

وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحرائق بأنها حالة طوارئ دولية و”إبادة بيئية” وانتقد حكومة البرازيل لعدم بذلها مزيدا من الجهد لحماية الغابة المطيرة.

وقال مكتب ماكرون في بيان إنه سيعارض الموافقة النهائية على اتفاق التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل “ميركسور” الذي يضم دولا من أمريكا الجنوبية، لأن بولسونارو كذب حول جهود بلاده في مكافحة الحرائق خلال قمة مجموعة العشرين في يونيو/حزيران الماضي عندما جرت الموافقة على الاتفاق للمرة الأولى.

وعبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن قلقهما حيال دمار غابات الأمازون، لكنهما قالا إن عرقلة اتفاقية التجارة ليس الرد السليم.

وقال ماكرون في أواخر آب الماضي أن قادة الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وكندا، يضعون اللمسات الأخيرة على اتفاق محتمل خلال قمة مجموعة السبع لتقديم “مساعدة فنية ومالية” للدول المتأثرة بالحرائق بما في ذلك البرازيل. وتمخض ذلك عن تعهد بتقديم 20 مليون دولار وهو مبلغ تافه قياسا بالاحتياجات.

وعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المساعدة على بولسونارو في مكالمة هاتفية، لكن مسؤولين برازيليين قالوا لاحقا أنهم لا يتعاونون مع واشنطن لمكافحة الحرائق.

كيف كان رد فعل المواطنين؟

خرج البرازيليون إلى الشوارع في أكثر من 12 مدينة للاحتجاج على تقاعس الحكومة عن مكافحة الحرائق، وأغلقوا طرقا رئيسية في برازيليا وساو باولو. ونُظمت احتجاجات أمام سفارتي البرازيل في باريس ولندن.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي انتشر وسم #صلوا من أجل أمازوناس، وانتشر غيره على تويتر. وتداول مستخدمون مؤيدون لبولسونارو وسما ترجمته “الأمازون دون المنظمات غير الحكومية” ليصبح من المواضيع الأكثر انتشارا على المنصة.

ماذا ستكون نتائج الحرائق على التغير المناخي؟

يخشى العلماء من أن استمرار تدمير غابات الأمازون قد يؤدي إلى نقطة تحول تدخل المنطقة بعدها إلى دورة ذاتية من الموت التدريجي للغابات فيما تتحول من غابات مطيرة إلى سافانا (منطقة جافة لا تنبت سوى الأعشاب).
ويعتقد عالم المناخ البرازيلي كارلوس نوبري أن ما يتراوح بين 15 و17% من إجمالي غابات الأمازون قد دُمِّر بالفعل. وكان الباحثون يعتقدون في البداية أن نقطة التحول ستكون عند دمار نسبته 40%، لكن ذلك تغير مع ارتفاع درجات الحرارة في غابات الأمازون الناجم عن الاحتباس الحراري والعدد المتزايد من الحرائق.
ويقول نوبري أن نقطة التحول ستكون على الأرجح عند دمار نسبته بين 20 و25%  .وأضاف أنه عند الوصول إلى نقطة التحول سيستغرق الموت التدريجي للغابات ما بين 30 و50 عاما، سينبعث خلالها 200 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، ما سيجعل إبقاء ارتفاع درجات الحرارة أقل من 1.5 إلى درجتين مئويتين، (وهو ما يسعى إليه العالم لتجنب أسوأ آثار لتغير المناخ) أصعب بكثير

Exit mobile version