أوراق ميديا – مقالات
بقلم: سماح سلطان محامية وناشطة حقوقية وبيئية
الاقتصاد الدائري من المفاهيم الاقتصادية الحديثة التي تذكر عند الحديث عن التحديات البيئية و التغيرات المناخية. فما هو الاقتصاد الدائري، و ما علاقته بالبيئة، أين يقف الأردن من هذا الاقتصاد و ما هي التشريعات ذات العلاقة؟
يمكن تعريف الاقتصاد الدائري بأنه نموذج اقتصادي يهدف إلى تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية من خلال تقليل الهدر واستغلال الموارد بكفاءة أكبر. حيث يتم في هذا النموذج تصميم المنتجات والخدمات وعمليات الإنتاج بشكل يقلل الفاقد والهدر، ويتم تعزيز إعادة تدوير المواد وإعادة استخدام المنتجات بشكل فعال.
و يعتمد الاقتصاد الدائري على مفهوم “الاستدامة”، حيث يهدف إلى تقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية النفيسة. و ذلك من خلال تصميم المنتجات بحيث يكون من السهل إعادة تدويرها وإصلاحها بدلاً من التخلص منها بعد الاستخدام الأول. و للاقتصاد الدائري أهداف منها تقليل الفاقد والهدر، إعادة التدوير وإعادة الاستخدام، تعزيز الاقتصاد الأخضر و تحسين كفاءة الاستخدام.
و تعتبر نشأة الاقتصاد الدائري بمثابة استجابة للتحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه العالم، مثل التغير المناخي ونضوب الموارد الطبيعية، ويهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة.
و عن علاقة الاقتصاد الدائري بالبيئة فكلاهما مفاهيم مترابطة بشكل وثيق، حيث يهدف الاقتصاد الدائري إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. فالاقتصاد الدائري يشجع على عادة التدوير و إعادة الاستخدام بدلا من التخلص من المنتجات، و يشجع على تصميم المنتجات و الخدمات بطريقة تقللمن تأثيرها البيئي، كما يساهم في تقليل انبعاث الغازات الدفيئة عبر تشجيع الاستخدام المستدام للطاقة والنقل العام وتحفيز التقليل في استهلاك الوقود الأحفوري. هذا بالإضاف إلى أنه يشجع على تغيير العادات الاستهلاكية بالتوجه نحو المنتجات ذات الجودة مما يقلل الحاجة إلى شراء المنتجات بشكل متكرر و بالتالي تقليل انتاج النفايات.
بشكل عام، يهدف الاقتصاد الدائري إلى تعزيز استدامة النمو الاقتصادي وحماية البيئة من خلال تقليل التأثيرات البيئية السلبية للأنشطة الاقتصادية. هذا يعني أن العلاقة بين الاقتصاد الدائري والبيئة ترتكز على تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد البيئية والتقليل من التلوث
و بالحديث عن الاقتصاد الدائري في الأردن، فإن مفاهيم الاقتصاد الدائري تمثل تحديًا مهمًا وفرصة لتحقيق التنمية المستدامة وللتعامل مع التحديات البيئية والاقتصادية. و تعتبر الحكومة الأردنية والعديد من المنظمات والجهات المعنية بالبيئة والتنمية أن الاقتصاد الدائري يمكن أن يكون مفتاحًا لتحقيق أهدافهم في هذا السياق. و لذلك يتم تشجيع المواطنين والشركات على تقديم المواد لإعادة التدوير، مما يساهم في تقليل الفاقد واستخدام الموارد بكفاءة. كما تستثمر الدولة بشكل متزايد في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليل الانبعاثات الكربونية. هذا بالإضافة إلى الدور الذي تقوم به الجهات المعنية بتوعية المجتمع و المنشأت بأهمية الإقتصاد الدائري و تقديم التدريب و الدعم لتنفيذ ممارساته.
يجدر بالذكر أن التحديات البيئية والاقتصادية في الأردن تبقى كبيرة، وتتطلب جهودًا مستدامة وتعاونًا مشتركًا من جميع الأطراف لتعزيز الاقتصاد الدائري وتحقيق فوائده المحتملة للمجتمع والبيئة.
و لكل ما ذكر تعتبر القوانين والتشريعات المتعلقة بالاقتصاد الدائري في الأردن جزءًا مهمًا من الجهود التي تبذلها الحكومة لتعزيز التنمية المستدامة وحماية البيئة. من هذه القوانين على سبيل المثال: القانون الإطاري لإدارة النفايات الذي ينظم إدارة النفايات ويحدد المعايير والمتطلبات لجمع وتخزين ومعالجة وإعادة تدوير النفايات. مما يؤدي إلى تعزيز ممارسات الاقتصاد الدائري في مجال إدارة النفايات، قانون حماية البيئة الذي يتعامل مع مجموعة متنوعة من القضايا البيئية والمحافظة على الموارد الطبيعية كمعالجة التلوث وحماية البيئة وتشجيع ممارسات الاقتصاد الدائري، قانون الطاقة المتجددة و ترشيد الطاقة الذي يهدف إلى تشجيع استخدام الطاقة المتجددة وزيادة الكفاءة الطاقية في الأردن، مما يعزز الاقتصاد الدائري من خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. وغيرها من القوانين جنبا إلى جنب مع التشريعات المتعلقة بالصناعة و التجارة و السياسات و البرامج البيئية التي تتبناها الدولة للتشجيع على الاقتصاد الدائري