أوراق ميديا
تغييرات كبيرة وإيجابية قد “تطرأ على المشهد العالمي بشأن العمل المناخي والسياسات البيئية، مع احتمالية عودة الولايات المتحدة الاميركية الى اتفاق باريس”، لكن ذلك الامر مرهون بفوز المترشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية لبلاده.
وأكد خبراء بيئيون أنه في حال نجاح بايدن فإن “المرحلة المقبلة ستقلب الموزاين رأسا على عقب بشأن العمل المناخي، الذي سيشهد زخماً غير مسبوق وتحولاً في توجهات أميركا عما كانت عليه في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب، ولا سيما بعد خطاب بايدن الذي أكد فيه “هنالك توجه حقيقي للتحول نحو الطاقة المتجددة وبنسبة 100 % بحلول 2050، وصولا الى صفر في انبعاثات الكربون”.
وكان بايدن كشف في تموز (يوليو) الماضي عن خطة طموحة لمكافحة التغير المناخي بقيمة تريليوني دولار، من شأنها تطوير قطاع الطاقة الأميركي والسعي للتوصل إلى طاقة خالية من تلوث الكربون في 15 عاما فقط، وهي زيادة كبيرة عن مبلغ 1,7 تريليون دولار كان قد اقترح إنفاقه خلال عشرة أعوام ضمن خطته المناخية في حملة الانتخابات التمهيدية.
وانسحبت الولايات المتحدة فعليا، أول من أمس، من اتفاق باريس المناخي، فيما تخوف خبراء بيئيون من “نجاح ترامب في الانتخابات لانه لن يكون هنالك اي تغير بشأن العمل المناخي، بل سيتجه نحو الأسوأ، والتي قد يكون الأردن من إحدى الدول المتأثرة فيها وبشكل سلبي”.
وقالت الخبيرة في الشأن البيئي صفاء الجيوسي إنه “قبل أربعة أعوام عندما نجح ترامب في الانتخابات أدركنا كمجتمع مدني بيئي أن اتفاقية باريس لن تؤخذ على محمل الجد، ولا سيما بعد إعلانه الصريح في بيانه الانتخابي حينها عن عزم بلده الانسحاب منها، وهذا ما جرى على أرض الواقع”.
وأضافت “ان ترامب لا يرى في العمل المناخي البيئي أمراً ذا أهمية، رغم أن حلول التغير المناخي تتماشى مع تلك المتعلقة بالاقتصاد، لكن بايدن في بيانه الانتخابي أكد أن أميركا يجب أن تكون من يقود مسألة الطوارئ المناخية، وأن يتم التحول نحو 100 % طاقة متجددة، والوصول الى صفر الانبعاثات في منتصف القرن اي في 2050”.
واعتبرت الجيوسي أن “المشهد البيئي سيكون مختلفا في العام المقبل، وستكون وتيرة العمل في هذا القطاع مختلفة عن مرحلة رئاسة ترامب”، في وقت ابدت فيه “تخوفا من نجاح ترامب في الانتخابات الحالية لانه لن يكون هنالك اي تغير بشأن العمل المناخي، بل سيتجه نحو الأسوأ”.
وأشارت الى أن “كل حلول التغير المناخي لن تتقدم اذا لم يكن هنالك إرادة سياسية حقيقية لذلك، وخاصة من الدول العظمى مثل أميركيا والصين وغيرها، مثلما حدث عند ابرام اتفاقية باريس، التي شكلت فارقا حينها في هذا المجال”.
وشددت الجيوسي على أن “نجاح بايدن في الانتخابات سينعكس ايجابيا على الأردن والدول العربية، في مناقشات التغير المناخي الدولية، التي تنعكس نتائجها سلبا على الدول المتأثرة من ظاهرة الاحتباس الحراري”.
و”تم الاتفاق كذلك داخل أجنحة الحزب الديمقراطي، على أن يكون هنالك خطى جادة بشأن العمل المناخي، وإجراء تحول كامل على السياسات التي كان يتبعها ترامب، لتعود أميركا وبشكل مؤكد الى اتفاق باريس من دون أي مفاوضات وشروط”، من وجهة نظر الخبير في تغير المناخ والاستدامة البيئية بشار زيتون.
وأكد زيتون أن “السياسات البيئة بشكل عام سيطرأ عليها تحول كامل، بحيث ستمنح الاهتمام والاولوية بشكل أكبر في عمل أميركا، مقابل التراجع عن القوانين والتنظيمات التشريعية البيئية التي وضعها ترامب، وليس هذا فقط بل طريقة صياغتها ستكون مختلفة”.
وتوقع أن “وزارة الطاقة الأميركية ستزيد من نسبة المخصصات المالية لإجراء الأبحاث حول تغير المناخ، ولتكنولوجيات تخفيف الانبعاثات من ضمنها حجز الكربون”.
وحول التأثير المباشر للسياسات الأميركية البيئية في حال نجاح بايدن، على الأردن، أكد زيتون أنه “لن يكون مباشرا فمعظم التمويل للتغير المناخي لا يكون بشكل ثنائي، بل من خلال صندوقي المناخ الأخضر، والتكيف العالمي”.
“ويتضح من القراءة التحليلية لخطاب بايدن نيته للعودة لاتفاق باريس، والاستثمار في الطاقة المتجددة وخلق المزيد من الفرص الخضراء، فجزء كبير كذلك من خطاب الدول الصناعية تتحدث بنفس المنهج والفكر”، في رأي المستشار في التنمية المستدامة والابتكار، عودة الجيوسي.
وقال “هنالك ضرورة لمواءمة السياسات البيئية مع تلك الخاصة بالتنمية الاقتصادية والإجتماعية، بمعنى آخر لا نستطيع أن نفكر بمعزل عنها، فكل من استهلاك الصين والولايات المتحدة الأميركية حوالي 50 % من نسب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون”.
وأضاف الجيوسي أن” قيادة دفة الاقتصاد مرتبطة بضوابط بيئية، والذي يشكل تكاملا ضروريا، لذلك فالمطلوب أن يكون هنالك نوع من الرواية المشتركة ما بين قصة الاقتصاد والبيئة، حيث إن المشكلة الحالية تكمن في أن المعنيين في هذين الشأنين يتحدثون من نسق تفكير مغاير، وكأنهم نقيضون لبعضهم”.
وبين أن “الرواية الجديدة تقول إنه لا يمكن الاستثمار على كوكب ميت، وعمليا فإن أي استثمار في صحة الإنسان والطاقة المتجدة والاقتصاد الاخضر هو ضرورة لاستدامة ومرونة وصلابة الاقتصاد”.
واستند في رأيه على أن “الصين والهند على سبيل المثال في السنوات الأخيرة، لم يتمكن العديد من العمال فيها الذهاب لأشغالهم نتيجة تلوث الهواء، ولذلك لا يمكن التفكير في انتعاش وازدهار اقتصادي بمعزل عن صحة الانسان وحماية البيئة التي هي ضمان للأمن البشري والإنساني واستدامة الحضارة”.
نقل عن جريدة الغد