اوراق: هي أول موسوعة فلسطينية Encyclopedia Palestinnica أصدرها في مطلع العام الجاري المؤرخ الدكتور محمد غوشة باللغة الإنجليزية وأضخم عمل أكاديمي موثق عن فلسطين.
جهد استغرق 12 عاما في موسوعة اشتملت على 24 مجلداً بمضامين متنوعة عن فلسطين.
حول الموسوعة يقول د.غوشة: “تغطي “البالستينيكا” إجمالاً الجوانب التاريخية والثقافية والاجتماعية والعمرانية وغيرها من مناحي الحياة المختلفة في فلسطين، أما المجلد رقم 23 والذي ألقيت الضوء فيه على تاريخ الحياة الطبيعية في فلسطين استنادا إلى المصادر الأوروبية التي وثقّت الطبيعة في فلسطين قبل القرن التاسع عشر؛ فقد أطلقت عليه إسم “Flora and Fauna”
ويؤكد أن عدداً كبير من الدراسات الأوروبية بدأت منذ القرن السادس عشر لتوثيق الحياة الطبيعية في بلادنا؛ وعلى وجه التحديد الحياة البرية وتاريخ الحيوان والنبات والحياة الطبيعية بشكل كامل؛ مضيفا: “هناك توثيق للأشجار والأزهار بأنواعها والطيور والحيوانات البرية الأليفة والمفترسة وغيرها، مثل أسد فلسطين وتمساح يافا في نهر المقطّع ونمر الجليل وطيور القدس وأسماك طبريا ويافا وغيرها من أصناف الحيوانات البرية التي كانت تعيش في فلسطين وانقرض عدد كبير منها”.
ويشير د.غوشة إلى أن موسوعته وثقت الأزهار والنباتات البرية والعشبية وغيرها من المزروعات التي كانت تنبت في أرض فلسطين الخصبة؛ موضحاً: “تطرقتُ إلى برتقال يافا وبرتقال اللد؛ وذكرت أن أكثر من 50 مليون برتقالة كانت تُصدّر سنويا إلى بريطانيا في منتصف القرن الـ 19 استناداً إلى الوثائق التاريخية”.
واشتمل هذا العمل على مضامين كثيرة ذات صلة بالزراعة؛ وفقا للمؤرخ الفلسطيني الذي يتابع الحديث: “تناولت من خلال الصور والرسوم التي تركها المستشرقون تاريخ الزراعة في فلسطين؛ وكيف كان المزارع يحرث أرضه ؛ ناهيك عن طرق استثمار الأراضي الفلسطينية الخصبة في إنتاج الفواكه والخضراوات في البيارات، لا سيما في الساحل الفلسطيني بغزة ويافا وغيرها من المدن، بالإضافة إلى جبال القدس والخليل ونابلس؛ واعتمدتُ على سجلات المحاكم الشرعية التي تحدثت عن الأراضي الزراعية والأوقاف من أجل تطويرها وحمايتها واستخراج منافعها لأجل خدمة الناس والتجارة”.
وثائق مهمة أعاد د.غوشة نشرها من باب الاعتزاز بتاريخ الحياة الطبيعية والبرية والبيئية الفلسطينية؛ مؤكداً أن المجلد يعتمد على الدراسات الاستشراقية الأوروبية خلال 400 عام مضت، وقد أعاد بدوره إنتاج هذه الصور استناداً إلى 20 كتاباً كُتب في هذا الصدد ما بين القرن الـــ 16 والـــ 19.
وعن الدافع الذي يقف خلف تخصيصه لمجلد من هذا النوع في الموسوعة؛ يتحدث قائلاً: “إن تاريخ فلسطين ليس تاريخ البشر والحجر فقط، وإنما هو أيضا تاريخ الحياة البرية؛ هواء فلسطين وأشجارها وحيواناتها وجبالها ومياهها وغيرها من مظاهر الحياة الطبيعية التي نعتز بها فيها جمال يفوق سحره عددا من الدول المحيطة بنا؛ أردت أن أوجه رسالة مفادها أن فلسطين عزيزة علينا بكل مناحيها؛ وهذا المنحى هو جزء لا يتجزأ من جماليات بلدنا التي تسكن وجداننا وضمائرنا”.
ومن جهة أخرى يبدي غوشة عتبه على الباحثين لتقصيرهم إزاء هذا النوع من التوثيق في ظل الافتقار الشديد إلى أنماط جديدة من توثيق فلسطين، موجهاً رسالة لهم في هذا الصدد: “علينا ألا نكتفي بتوثيق الحجر والبشر؛ هناك مجال كبير لدراسة فلسطين بكل جزئياتها؛ وهذا المجلد ما هو إلا محاولة مني لإثراء هذا الجانب”.
