أوراق ميديا _آمال الرياحنة
يتسبب الموسم المطري في عاصمة الدولة لفيضانات عارمة وأزمات تلقي صعابها على المنازل والطرق والمحلات التجارية في منطقة وسط البلد تحديدا، وكأنها تخبرنا بفشل الحكومات المتعاقبة في تهيئة وتنظيم البنية التحتية في العاصمة.
من أبرز المسببات لتلك الفيضانات، عدم استيعاب عبارة سقف السيل لكميات الأمطار المأهولة القادمة إليها من جميع مناطق عمان وجبالها وهذا يتضح عند حدوث كل فيضان حيث تساقط الأمطار وتجري لتصل إلى سقف السيل من هنا يبدأ الشارع ينبع من خلال المصارف والمناهل والفتحات الموجودة في جسم العبارة وبعد توقف الأمطار بفتره وجيزة تبتلع هذه المصارف المياه وكأن شيئا لم يكن.
بدأت الأزمة في العام 1964 عندما اتخذت الجهات المسؤولة عن عمان في ذلك الوقت أسوأ قرار في تاريخ الدولة، ألا وهو دفن نهر عمان الجاري منذ الاف السنين فتبدل إسم عمان من مدينة المياه كما جاء وصفها في (الإنجيل) الى المدينه التي دفنت نهرها، وهكذا أصبحنا نعاني من فيضانات تدخل الى المحلات وتخرب البيوت بدلا من ترك المياه تسير في مجراها الطبيعي.
مؤخرا تقوم الأمانة عمان بإنشاء عبارت صندوقية باعتبارها وسائل خجولة لحل مشكلة التصريف للمياه في فصل الشتاء ولأن نسوا أن منطقة المدرج الروماني وجبل القلعة والمنطقة الواصلة بينهما كانت مدينة رومانية مكتملة الأركان بشوارع وحمامات ومسرح ومبان جميلة فقاموا بعمل غير منطقي الدوافع بدفن السيل وما حوله.
وخلال العمل على فتح العبارات الصندوقية فوجئ بعض العاملين ببقايا مباني رومانية وخطوط تصريف المياه تكشف معجزات هندسية لما قبل العلوم الهندسية الأكاديمية في المنطقة، وهي ما برعى بها الرومان من سكنوا الأردن سابقا.
رغم حجم المأساة، انشغل الاردنيون كعادتهم بخرافة الذهب الذي عثر عليه اثناء الحفر وقدر “خبراء صناعة الإثارة” كميات الذهب بما يكفي لسداد مديونية البلد.
ويبدوا أن أمانة عمان نست أو تناست تجار وسط البلد وسكانه بعد تخبطها في مشاريعها العشوائية فلم يكفينا الباص السريع وتحويلات التقاطعات في كل مكان، حتى أصبح شعارنا الجديد بدلا من نحو اردن أخضر عام 2000 الى شعار الاردن الجديد ) حفريات حفريات حتى الممات).
وللحقيقة ليس لدينا أدنى تفاؤل بأن حكومة الخصاونة ستتخذ قرار وطني منطقي يلغي القرار الغير صحيح الذي أودى بوسط البلد وسيل عمان الذي يغذي نهر الزرقاء الكريم إلى هذا الحال وأن تعطي الأمر لأمانة عمان بإصلاح هذا العطل الذي دام كل تلك السنين وأن تعود عن الحلول الغير مجدية وغير نافعه لحل مشاكل الفيضانات الموسمية القاتلة، وما هذا التشاؤم إلا بعد إصرار الامانة على متابعه الحفريات وهدم المعالم الأثرية الهامة!
ونعلم أن الموضوع ليس بالسهل وأنه يتطلب جهود حثيثة ودراسة إستراتيجية معمقة لكن لا بد من ذلك وحتى لا نبقى نواجه كل موسم مطري هذه المشكلة في العاصمة التي ينبغي أن تكون وجها مشرقا للدولة، حمى الله الأردن وقيادته وعاصمتنا الحبيبة من كل مكروه.