حرب اقليمية تدق ناقوس التحول استراتيجي للطاقة في اردن وتذكرنا بأزمة الربيع العربي وتفجير أنابيب الغاز في مصر وانقطاعه عام .٢.١١ واليوم هزت احداث اقليمية اخيرة المتمثلة في القصف المتبادل، ايراني والكيان الأسرائيلي أركان استقرار اقليمي، وكان للأردن نصيبه المباشر من تبعات هذه الزلزال الجيوسياسية، حيث أعلن عن تعليق إمدادات الغاز الطبيعي إلى الأردن، وهي الخطوة التي تمثل تحديا للأقتصاد الأردني وأمنه الطاقي.
هذا الانقطاع المفاجئ ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو جرس إنذار صارخ يدفع المملكة إلى إعادة تقييم عميقة لسياساتها الطاقية المعتمدة بشكل كبير على استيراد، رغم التحسن الذي طرأ بانخفاض نسبة الطاقة المستوردة من %٩٧ في عام ٢.١٤ الى نحو ٨٠ % حاليا، ويسلط الضوء على الحاجة الملحة لت يع التحول نحو بدائل طاقية أكثر استدامة.
كان غاز المتوسط يشكل شريانًا حيويًا، حيث كان يغطي ما يصل إلى %70 من احتياجات الأردن من الغاز لتوليد الكهرباء. هذا انقطاع المفاجئ يضع الحكومة والقطاع الطاقي أمام تحديات فورية. اذ سيضطر الأردن لتعويض النقص باللجوء إلى خيارات أكثر كلفة وتلويثا للبيئة مثل الوقود الثقيل والديزل والغاز المسال المستورد، رغم الدعم المصري الطيب، مما سيؤدي حتمًا إلى ارتفاع في كلفة إنتاج الكهرباء. وستتحمل الحكومة عبئًا إضافيًا لدعم أسعار الكهرباء، مما يزيد الضغط على الموازنة العامة المثقلة أصلا.
كذلك فان ارتفاع كلفة الطاقة ينعكس سلبًا على كافة القطاعات انتاجية والخدمية، مما يهدد تنافسية اقتصاد الأدني ويزيد من التضخم. ولكن الاهم هو ضرورة إعادة النظر في امن الطاقي، اذ كشف هذا الانقطاع عن هشاشة اعتماد على مصادر خارجية تأتي عبر مناطق مضطربة جيوسياسيًا، مما يعيد تعريف مفهوم امن القومي ليشمل أمن امدادات الطاقي، ومن ضمنها اتخاذ البدائل التالية:
البديل اول: ثقافة الترشيد: دروس من فوكوشيما
في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية عام ،2011 واجهت اليابان أزمة طاقة حادة دفعت الحكومة والشعب إلى تبني حملة ضخمة وناجحة لـ “ترشيد استهلاك” حيث استطاعت تخفيض %١٦ من استهلاكها في غضون أشهر. لذا، يمكن للادن استلهام هذا النموذج عبر حملة وطنية شاملة منها إطلاق حملة اعلامية مكثفة ومستمرة (تلفزيون، راديو، وسائل تواصل اجتماعي، خطب دور العبادة، مدارس) لتوعية المواطنين بأهمية كل كيلوواط ساعة ومقدار التلوث الذي يحدثه، وشرح حساسية ازمة الحالية.
ويشمل التركيز على إجراءات بسيطة وفعالة، مثل ضبط مكيفات الهواء عند ٢٤ درجة مئوية صيفا، و ١٩ درجة شتاء، استخدام لمبات LED، فصل اجهزة الكترونية غير المستخدمة، استفادة القصوى من ضوء النهار، تقليل استخدام السخانات الكهربائية والتوجه نحو السخانات الشمسية واستغل عدادات الكهرباء الجديدة لستهك خارج فترة الذروة.
تقديم حوافز ستبدال اجهزة القديمة المستهلكة للطاقة بأخرى موفرة، خاصة أجهزة التكييف والغسات والثجلاجات والتدفئة. وينبغي أن تكون المؤسسات الحكومية والوزارات في طليعة تطبيق إجراءات الترشيد )إطفاء انوار غير الضرورية، تقليل استخدام المصاعد، إدارة المكيفات بكفاءة(. فالهدف ليس مجرد تجاوز ازمة الحالية، بل زرع ثقافة دائمة في التعامل مع الطاقة كمورد ثمين ونادر، وتخفف الضغط الدائم على الشبكة، وتقلص فاتورة استيراد على المدى الطويل. على أمل أن يصدر رئيس الوزراء تعميما بهذا الترشيد كي تلتزم الوزارات.
البديل الثاني: التنقيب المحلي عن مصادر الطاقة بإحياء امل تحت ارض، كما حدث باكتشافات غاز الريشة، والتوسع في إنتاج الكهرباء من الصخر الزيتي )oil Shale)، فطالما البنية التحتية جاهزة في موع العطارات لما نضاعف انتاج ليصبح %٢٨ بد من %١٤ فسعر الكهرباء بد أن ينخفض بنسبة ٢٥ إلى ٣٠ .% اذ يمكن أن يشكل الصخر الزيتي مصدرًا ثابتًا وحم كهربائيا أساس )Baseload )يدعم التوسع في الطاقة المتجددة المتقطعة.
مؤخوذه عن الرأي الأردنيه.