استقرار الأردن الطاقي في ظل أزمة الغاز الإقليمية

نظرًا لحالة القوة القاهرة التي شهدتها منطقتنا نتيجة الحرب بين إيران وإسرائيل، قررت وزارة الطاقة الإسرائيلية إغلاق حقلي كاريش وليفياثان للغاز. وبناءً على ذلك، أوقفت شركة شيفرون الأمريكية، المسؤولة عن تشغيل حقل ليفياثان، ضخ نحو 340 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا إلى الأردن، وهي كمية تمثل ما نسبته 60-65 % من إجمالي كميات الغاز في المملكة.

ورغم ذلك، لم نشعر في الأردن بأي أثر ملموس لهذا الانقطاع، إذ تُعد المملكة من أكثر الدول استقرارًا في مجال أمن الطاقة في المنطقة، على الرغم من أنها ليست غنية بمصادر الطاقة التقليدية كالنفظ والغاز.

ويُعزى هذا الاستقرار في المقام الأول إلى السياسات والاستراتيجيات التي تبنتها الحكومات المتعاقبة، بالأخص في تطوير البنية التحتية للطاقة وتنويع مصادرها، رغم ما ترتب على ذلك من كلف مالية عالية تحملتها الحكومة.

وقد بدأ الضخ التجريبي للغاز الطبيعي من حقل ليفياثان إلى الأردن في عام 2020 عبر شركة نوبل إنيرجي الأمريكية (التي استحوذت عليها لاحقًا شركة شيفرون)، وذلك بموجب اتفاقية تمتد لـ15 عامًا، وبسعر يتراوح من 6 إلى 7 دولارات لكل MMBtu، وهو يُعدّ سعرًا تفضيليًا مقارنة بالسعر العالمي الذي يتراوح من 12 إلى 13 دولارًا لكل MMBtu، والذي وصل في فترة من الفترات إلى أعلى من ذلك بكثير، خصوصًا خلال الأزمة الروسية الأوكرانية وتوقف صادرات الغاز الروسية عبر أوكرانيا إلى أوروبا.

وعلى الرغم من الاعتماد الكبير على الغاز القادم من حقل ليفياثان، حرصت الحكومة على ضمان أمن التزود بالطاقة من مصادر بديلة، تحقيقًا لأهداف الخطة الوطنية للطاقة التي نصّت على تنويع مصادر التزويد، مثل:

* محطة العطارات لتوليد الكهرباء من الصخر الزيتي، التي تغطي نحو 12.6 % من احتياجات المملكة وتعمل حاليًا بكامل طاقتها.

* مصادر الطاقة المتجددة، التي تغطي حوالي 26.28 % من إجمالي احتياجات المملكة من الكهرباء.

* الغاز الطبيعي، الذي يولد نحو 61.1 % من إجمالي الكهرباء في المملكة.

كما تمتلك المملكة خيار التزود بالغاز المسال (LNG) المستورد عبر ميناء العقبة، والذي يُنقل من الجنوب إلى الشمال عبر أنبوب الغاز الوطني، ويمكن استخدامه أيضًا لتزويد دول الجوار مثل سوريا. ويُعتبر هذا الأنبوب جزءًا من شبكة نقل الغاز إلى داخل المملكة، سواء للغاز المصري أو الغاز المسال (LNG) إلا أن هذا الخيار يحمل كُلفًا إضافية على خزينة الدولة، إذ يصل سعر الغاز المسال إلى نحو 16 دولارًا لكل MMBtu، مقارنة بـ7 دولارات للغاز القادم من حقل ليفياثان.

ويبيّن الجدول الآتي كميات الضخ اليومية للغاز الطبيعي في الأردن ونسبة كل منها من إجمالي الكميات:

ومن الأسباب التي ساعدت على امتصاص أثر الانقطاع حتى اليوم، أن محطات توليد الكهرباء في الأردن مهيأة للعمل باستخدام أنواع متعددة من الوقود، كالغاز أو الديزل، بالإضافة إلى وجود مخزون كافٍ في كل محطة يكفي لمدة لا تقل عن 14 يومًا، مما يُسهم في مواجهة مثل هذه الظروف الطارئة.

وفي الختام، نؤكد أهمية استمرار الحكومة في دعم الاعتماد على مصادر الطاقة المحلية، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا القطاع الاستراتيجي، وذلك من خلال إصدار التشريعات المناسبة وتأمين التمويل من مصادر محلية ودولية.

ومن الجدير بالذكر أن شركة أورنج الأردن تمتلك واحدة من أكبر محطات الطاقة الكهروضوئية في المملكة، وتغطي ما يقارب 50 % من احتياجاتها من الطاقة، وتمثل نحو 1.3 % من الاستطاعة الكلية المركبة لمشاريع الطاقة المتجددة في الأردن.

هاشم عبد الزاهري.
مأخوذة عن جريدة الدستور الأردنية.

Exit mobile version