اوراق: كثيرا ما سئلت عن سبب شغفي بدراسة فيزياء الجسيمات ونشأة الكون، وكان الجواب دائما حاضرا، فالرغبة في فهم الظواهر الطبيعية جزء من طبيعة الإنسان، كما أن طريقة تواصل البشر عبر الكتب باختلاف الزمن لها القدرة في بلورة هذه الرغبة لتصبح شغفا حقيقيا.
ضمّت مكتبة طفولتي في حلب كتبا مثل “كنوز العلم في أسئلة و أجوبة” لويليامفرجارا و ” 1، 2،3…لا نهاية” لجورج غاموف، التي شاركتني ترحالي وتنقلت معي أينما حللت. لا لأنها تحتوي على آخر تطورات العلم، بل لأنها علمتني أن أطرح الأسئلة، وقادتني لمغارة أكثر إثارة من مغارة علي بابا؛ الكنوز فيها ليست الأجوبة، بل المحاولة المستمرة للفهم بناء على تطور المعطيات.
هناك ظواهر طبيعية قد يدفعك مجرد الفضول العلمي لفهمها، كظاهرة نشأة الكون، كما أن ظواهر أخرى لا بد لنا من العمل على فهمها لأن مستقبل الجنس البشري كله متعلق بها، كظاهرة الاحتباس الحراري.
أصبحت بعد سنوات من العمل بشغف في مجال الفيزياء أكثر اهتماما بالتغير المناخي، وإن سئلت اليوم عن سبب هذا الاهتمام، لكررت الجواب نفسه لكني هذه المرة لن أكتفي بذلك إذ اختلفت أشياء كثيرة.
في بعض الأحيان، كما في ظاهرة التغير المناخي، لا يعود مجرد إشباع الفضولالعلمي كافيا وإنما يصبح العمل على تفادي الأسوأ مطلوبا. بل مُلحا. هذا ما استنتجته بعد مرور عامين تقريبا قضيتهما باحثة في معهد علم المحيطات بجامعة هامبورغ الألمانية؛ وأيضا كأم تشعر بالقلق إزاء مستقبل الأجيال القادمة