الجفاف العالمي يفاقم المجاعة ويدفع الملايين للنزوح

أشار تقرير جديد لمنظمات دولية إلى أن الجفاف العالمي يدفع عشرات الملايين من الناس إلى حافة المجاعة في جميع أنحاء العالم، في إشارة إلى أزمة عالمية تتفاقم بسرعة مع انهيار المناخ.

ويواجه أكثر من 90 مليون شخص في شرق أفريقيا وجنوبها جوعا شديدا بعد جفاف قياسي في مناطق عديدة، مما أدى إلى انهيار واسع النطاق في المحاصيل ونفوق الماشية، ففي الصومال يتجه ربع السكان الآن نحو المجاعة ونزح ما لا يقل عن مليون شخص.

وتناول التقرير الصادر عن المركز الوطني لمكافحة التصحر، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، والتحالف الدولي لمواجهة الجفاف دراسة تفصيلية لأكثر من 12 دولة في 4 مناطق رئيسية.

وشمل التقرير أجزاء من أفريقيا وجنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، واستنادا إلى معلومات من الحكومات والمؤسسات العلمية والمصادر المحلية تمكن المؤلفون من رسم صورة واضحة للمعاناة الإنسانية والدمار الاقتصادي.

كارثة بطيئة
ويشير التقرير إلى الوضع تفاقم لسنوات في مناطق عدة، إذ احتاج سدس سكان جنوب أفريقيا إلى مساعدات غذائية في أغسطس/آب الماضي.

وفي زيمبابوي، انخفض محصول الذرة العام الماضي بنسبة 70% مقارنة بسنة 2023 ونفق 9 آلاف رأس ماشية.

وهذه الأمثلة ليست سوى بداية لكارثة عالمية تتفاقم وفقا للتقرير، ففي مناطق مختلفة من العالم يؤدي الجفاف وسوء إدارة المياه إلى نقص يُلحق الضرر بإمدادات الغذاء والطاقة والصحة العامة.

وقال مارك سفوبودا المدير المؤسس للمركز الوطني الأميركي للتخفيف من آثار الجفاف والمؤلف المشارك للتقرير “هذه ليست فترة جفاف، بل كارثة عالمية بطيئة، وهي أسوأ ما رأيته على الإطلاق”.

وفي أميركا اللاتينية، أدى الجفاف إلى انخفاض حاد في منسوب المياه في قناة بنما، مما أدى إلى توقف حركة الشحن وانخفاض حاد في التجارة وزيادة التكاليف، وانخفضت حركة المرور بأكثر من الثلث بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ويناير/كانون الثاني 2024.

وبحلول أوائل عام 2024 كان المغرب قد شهد 6 سنوات متتالية من الجفاف، مما أدى إلى عجز مائي بنسبة 57%، وفي إسبانيا أدى انخفاض إنتاج الزيتون بنسبة 50% بسبب قلة الأمطار إلى مضاعفة أسعار زيت الزيتون.

وفي تركيا، أدى تدهور الأراضي إلى تعريض 88% من أراضي البلاد لخطر التصحر، وأدى الطلب على المياه من القطاع الزراعي إلى استنزاف طبقات المياه الجوفية.

وقال سفوبودا “إن معاناة إسبانيا والمغرب وتركيا لتأمين المياه والغذاء والطاقة في ظل الجفاف المستمر تقدم لمحة عن مستقبل المياه في ظل الاحتباس الحراري العالمي الجامح، لا يمكن لأي دولة بغض النظر عن ثروتها أو قدرتها أن ترضى بالقليل”.

ووجد الباحثون أن أحوال الطقس الناجمة عن ظاهرة النينيو خلال العامين الماضيين أدت إلى تفاقم اتجاه الاحترار المناخي، و”كانت لارتفاع درجات الحرارة وقلة هطول الأمطار تداعيات واسعة النطاق في عامي 2023 و2024، مثل نقص إمدادات المياه وانخفاض إمدادات الغذاء وترشيد استهلاك الكهرباء”.

كما تمتد آثار الجفاف إلى ما هو أبعد من حدود الدول المتضررة، وقد حذر التقرير من أن الجفاف قد عطل إنتاج وتوريد محاصيل رئيسية كالأرز والقهوة والسكر.

وفي عامي 2023 و2024 أدت ظروف الجفاف في تايلند والهند إلى نقص في المعروض، مما أدى إلى ارتفاع سعر السكر بنسبة 9% في الولايات المتحدة.

تحذيرات ومخاوف
ويأتي التقرير في أعقاب سلسلة من التحذيرات الأخيرة بشأن أزمة المياه العالمية، إذ يزداد الطلب على المياه العذبة أكثر من أي وقت مضى، لكن الاحتباس الحراري يغير أنماط هطول الأمطار ويجعل المناطق الجافة أكثر جفافا.

وفي مناطق أخرى يستعاض فيها عن هطول الأمطار المستمر بعواصف رعدية أكثر تطرفا وسوء إدارة موارد المياه وتلوثها على نطاق واسع قد وضع العالم على شفا الهاوية، حسب التقرير.

ومن المتوقع أن يتجاوز الطلب على المياه العذبة العرض بنسبة 40% بحلول نهاية هذا العقد، وأكثر من نصف إنتاج العالم من الغذاء سيكون معرّضا لخطر الفشل في السنوات الـ25 المقبلة، وفقا لأكبر تقرير حتى الآن عن حالة موارد المياه في العالم، والذي نشر الخريف الماضي.

وعلى صعيد منفصل، سلط تقرير صدر في مارس/آذار الماضي الضوء على الفقدان “غير المسبوق” لجليد الأنهار الجليدية، والذي يهدد إمدادات الغذاء والمياه لملياري شخص حول العالم.

وكانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد أكدت في يونيو/حزيران الماضي أن مساحة الأراضي العالمية المتضررة من الجفاف قد تضاعفت خلال الـ120 عاما الماضية، وأن تكلفة الجفاف ترتفع بشكل حاد.

ومن المتوقع أن تزيد تكلفة الجفاف المتوسط ​​في عام 2035 بنسبة 35% على الأقل عما هي عليه اليوم.

وقال إبراهيم ثياو الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر -وهي المعاهدة العالمية الموقعة عام 1992 بهدف تجنب أسوأ آثار الجفاف- إن “الجفاف قاتل صامت، يتسلل، ويستنزف الموارد، ويدمر حياة الناس ببطء شديد وندوبه عميقة”.

المصدر: غارديان.

Exit mobile version