أعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أنها لن تنشر مستقبلا “التقييمات الوطنية للمناخ”، التي تفصّل تأثيرات التغير المناخي في أنحاء الولايات المتحدة، وكانت متاحة حتى وقت قريب على مواقع حكومية، ويأتي ذلك في سياق تراجعات من إدارة الرئيس دونالد ترامب عن سياسات العمل المناخي، كانت مثار انتقادات واسعة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أغلقت الوكالة المواقع الحكومية الرسمية التي استضافت تقييمات المناخ الوطنية الموثوقة والتي توفر للمؤسسات الحكومية والجمهور توقعات الطقس في مناطقهم وأفضل السبل للتكيف معه.
وصرح البيت الأبيض آنذاك بأن ناسا ستُخزّن التقارير امتثالا لقانون صدر عام 1990 يُلزم بنشرها، وهو ما أعلنت وكالة الفضاء أنها تُخطط له، لكن الوكالة أعلنت الاثنين أنها ألغت هذه الخطط.
وقالت بيثاني ستيفنز، السكرتيرة الصحفية لناسا في رسالة بريد إلكتروني: “لقد استوفى البرنامج متطلباته القانونية بتقديم تقاريره إلى الكونغرس. ولا تقع على عاتق ناسا أي التزامات قانونية باستضافة بيانات “globalchange.gov”. مضيفة أن ذلك يعني أن بيانات التقييم أو المكتب العلمي الحكومي الذي نسق العمل لن تكون متاحة لناسا.
من جهتها، قالت كاثرين هايهو، عالمة المناخ في معهد تكساس للتكنولوجيا: “صُممت هذه البيانات والمواقع خصيصا للشعب الأميركي، بتمويل من دافعي الضرائب، وهي تحتوي على معلومات حيوية نحتاجها للحفاظ على سلامتنا في ظل مناخ متغير، كما تُظهر الكوارث المتواصلة بشكل مأساوي وواضح”.
وأثار القرار بعدم نشر تقييمات مستقبلية موجة انتقادات من علماء البيئة ونشطائها، الذين يرون في هذه الخطوة تراجعا خطيرا عن الشفافية في وقت يحتاج فيه العالم لمعلومات دقيقة لمواجهة أزمة المناخ المتفاقمة.
واتهم جون هولدرن، وهو مستشار العلوم السابق في البيت الأبيض وعالم المناخ في عهد أوباما، الإدارة بالكذب الصريح، قائلا “إن ترامب لا يريد أن يعرف الناس.. وكان ينوي منذ فترة طويلة فرض الرقابة على التقارير أو دفنها”.
وأضاف هولدرن “الموقف الجديد هو تضليل مُعتاد من إدارة ترامب. في هذه الحالة، تُقدم الإدارة تعزية متواضعة لتهدئة الغضب الأولي إزاء إغلاق موقع globalchange.gov واختفاء التقييمات المناخية الوطنية. ثم بعد أسبوعين، تُنتزع دون أي اعتذار”.
وأكد هولدرن في رسالة بالبريد الإلكتروني “إنهم ببساطة لا يريدون أن يرى الجمهور المعلومات المجمعة بعناية والمثبتة علميا حول ما يفعله تغير المناخ بالفعل بمزارعنا وغاباتنا ومصايد الأسماك، فضلا عن العواصف والفيضانات وحرائق الغابات وممتلكات الساحل، وحول كيفية نمو كل هذه الأضرار في غياب إجراءات علاجية منسقة”.
ووجد التقرير الأحدث الذي صدر في عام 2023 أن تغير المناخ يؤثر على أمن الناس وصحتهم وسبل عيشهم في كل ركن من أركان البلاد بطرق مختلفة، حيث تتعرض مجتمعات الأقليات، وخاصة الأميركيين الأصليين، للخطر بشكل غير متناسب في كثير من الأحيان.
وكان الرئيس دونالد ترامب قد قرر في بداية ولايته الثانية الانسحاب مجددا من اتقاق باريس للمناخ لعام 2015، كما انسحب من هيئات ومنظمات دولية أخرى، وحث على إلغاء نتائج علمية كانت منذ فترة طويلة تمثل القاعدة الرئيسية لجهود مواجهة تغير المناخ، ودعم التوسع في إنتاج الوقود الأحفوري، وتخفيض أو وقف دعم وتمويل المؤسسات والوكالات البيئية الأميركية.
المصدر: الجزيرة + وكالات