اوراق:اعتبر مؤتمر الطاقة العالمي الذي انعقد في أبو ظبي في سبتمبر الماضي أن حرق الوقود الأحفوري يعد “الشر” الطاغي الذي يزرع الفوضى في عصر الإنسان (الأنثروبوسين). واتفق كثيرون على أنه بعد عقود من حروب الطاقة، فإن النزاعات المستقبلية قد تكون مدفوعة بالمنافسة على المياه النظيفة، مع انحسار الغطاء الجليدي وجفاف الأنهار.
وعندما سُئلوا عن أكبر مصدر للتوتر العالمي في عام 2040، كانت ندرة المياه هي الإجابة المرجحة لدى أكثر من نصف خبراء الطاقة والمسؤولين الذين استُطلعت آراؤهم في مؤتمر الطاقة العالمي في أبوظبي. وقال الكويتي عدنان شهاب الدين الذي شغل سابقاً منصب القائم بأعمال الأمين العام لمنظمة أوبك: “قبل عشر أو عشرين سنة كان النفط على رأس القائمة بالتأكيد”. وأضاف أمام مؤتمر الطاقة العالمي الذي يعقد كل أربع سنوات أن النفط لم يعد كذلك اليوم “ويرجع السبب في ذلك إلى عاملين: لدينا المزيد من الموارد في جميع أنحاء العالم، لا سيما بفضل التكنولوجيا … والموارد موزعة بصورة متساوية أكثر”. لكن مثل العديد من القادة والمدراء التنفيذيين الآخرين في المؤتمر، أصر على أنه بالنظر إلى الطلب العالمي المتوقع على مدى العقود المقبلة، يمكن أن ينعكس الوضع عن طريق التحول السريع وغير المخطط له إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وقال: “نحن جميعا متفقون على أن ما نريده هو مستقبل نعتمد فيه على الطاقة النظيفة. يجب المحافظة على إمكانية الوصول إلى مستقبل من الطاقة النظيفة وعلى السرعة التي نصل بها”، محذراً من “التقلبات والأزمات” إذا تم اتخاذ القرارات السياسية على عجل. وأوضح: “من الخطأ في رأيي وضع سياسة يمتد تأثيرها على 40 عامًا، كأن نقول على سبيل المثال ليس فقط أنني لا أريد أن أستخدم الطاقة النووية بنفسي … لكنني لا أريد أن يستخدم الطاقة النووية أي أحد آخر. لذلك من المهم أن نبقي جميع خياراتنا مفتوحة، وأن نستثمر فيها جميعًا، اعتمادًا على وضعنا المحلي”.
واستثمرت دول الخليج عشرات المليارات من الدولارات في مشاريع الطاقة النظيفة، وخاصة في الطاقة الشمسية والنووية. لكن النقاد يقولون إن هذه المشاريع تسير ببطء والكثير منها لم يتجاوز مرحلة التخطيط في ظل عدم توفر الإرادة السياسية. لكن الاعتماد على النفط قوي جداً لا سيما في ظل وفرة الإمدادات في حين أن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة ينطوي على كلفة باهظة.
وكانت “اللجنة العالمية للتكيف” قد قالت في أيلول الماضي، إنه يتعين على الدول الغنية وكذلك الفقيرة الاستثمار الآن لحماية نفسها من آثار تغير المناخ حتى لا تتكبد كلفة أعلى بكثير فيما بعد.
وقال رئيس اللجنة الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون: “نحن الجيل الأخير الذي يمكنه تغيير مسار تغير المناخ، ونحن الجيل الأول الذي يتعين عليه بعد ذلك تحمل العواقب”.
وأدى الفشل في كبح انبعاثات الغازات الدفيئة التي تعمل ببطء على رفع حرارة الأرض إلى هبوب موجات من القيظ الشديد خلّفت ضحايا وشح في المياه، وعواصف هائلة ازدادت قدرتها على التدمير بسبب ارتفاع مستوى البحار. وارتفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض بمقدار درجة مئوية واحدة منذ أواخر القرن التاسع عشر. وتتجه الحرارة صعوداً مع توقع أن ترتفع بدرجتين أو حتى ثلاث درجات بنهاية القرن الواحد والعشرين، إذا استمرت معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على ما هي عليه اليوم.
وقال مارتن فريك، كبير مديري السياسات في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، في إحدى حلقات النقاش في أبوظبي: “نحن أكبر عامل مؤثر على الطبيعة هذه الأيام. وكما يقولون، كلما اشتد بأسنا عظمت مسؤوليتنا”.
وتحدث أمين ناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أحد القادة البارزين في مؤتمر الطاقة العالمي، عن “أزمة في الإدراك” يواجهها القطاع والمخاطر المتزايدة بأن يرتد مجتمع المال ضد الوقود الأحفوري، منتقدا السياسات غير المدروسة. وخلال المؤتمر، صدرت النداءات من أجل التحول “المنظم”.
وقال رئيس شركة النفط السعودية العملاقة التي تستعد لأول مرة لطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام في عملية يتوقع أن تجني منها مليارات الدولارات: “جميع التحولات في قطاع الطاقة – بما في ذلك هذه – تستغرق عقودًا، مع العديد من التحديات على الطريق”.
وقال فريك إن المساعي الدبلوماسية بشأن تغير المناخ لا تزال تعمل رغم الصعوبات. وقال “هناك حاجة ملحة لذلك… التأثيرات مقلقة للغاية، وبغضّ النظر عن كم المفاوضات التي نخوضها، فلا يمكننا أن نتفاوض مع الطبيعة”