أوراق _
خوفها على البيئة وخاصةً من خطورة الأكياس المصنوعة من البلاستيك، دفع المهندسة المعمارية منال البطمة من بيت لحم، لابتكار طريقة لإعادة استخدامها كأدوات منزلية بدلاً من إلقائها وعدم الاستفادة منها.
نمّت منال معلوماتها عن القضايا البيئية في النادي المدرسي الذي رسخ لديها مفاهيم الحفاظ على البيئة وضرورة العناية بها، وعلى الرغم من أنها لم تتخصص فيما بعد في أي مجال بيئي ولم تعمل به، إلا أنها تعدُّ إحدى الناشطات في هذا المجال حيث تعتبر البيئة من أولوياتها، فعندما كانت في جامعة بيرزيت وقبل تخرجها قامت بتأسيس لجنة حماية البيئة في التسعينيات.وفق مجلة افاق للبيئة.
“المبادرة تبدأ من الفرد نفسه في حياته اليومية، فمثلما يهتم كلٌ منا في بيته ونظافته، فعليه أيضاً الاهتمام ببيئته، وليس من العملي أن ننتظر المسؤولين لتشريع قوانين لحماية البيئة ونحن لا نبادر ذاتياً لحمايتها … أنا من موقعي كربة بيت قبل أن أكون مهندسة تهمني البيئة، فاخترت طريقة بسيطة وسهلة ورخيصة لتكون في متناول أي شخص دون تكلف بدءاً من طلاب المدارس حتى ربات البيوت باستخدام أبسط الأدوات“. تقول البطمة
شيء من لا شيء
سعت البطمة لترشيد استهلاك الأكياس والتخفيف من انتشارها والتقليل من خطرها وتحويلها من منتجات ضارة إلى منتجات مفيدة، عبر طريقة مبتكرة تعتمد على نسيج بلاستيكي لعمل منتجات عملية عوضًا عن تكدس الأكياس وتراكمها كنفايات.
تبدأ عملية التحويل بتجميع الأكياس بعد التأكد من نظافتها، ويعتمد العدد على حجم المنتج، كلما كان المنتج أكبر زاد العدد، من ثم يتم فرزها حسب الحجم وتنسيق الألوان، بعدها يتم التخلص من أطراف الأكياس وطيّها وقص ما تبقى إلى شرائح مستطيلة طويلة بعرض 2 سم، ثم تلّف ككرة الصوف لاستخدامها كنسيج لعمل أي منتج مراد تنفيذه باستخدام “الصنارة”.
تؤكد بطمة أنها بهذه الطريقة تستطيع الحصول على شيء من لا شيء، أي بمعنى آخر الحصول على منتج قابل للإستخدام دون تكلفة مالية تذكر.
وتتحدث أيضاً عن تجربتها الشخصية وكيفية تعاملها مع الترشيد في استهلاك الأكياس خلال تسوقها قائلة، “استخدم حقيبتي لوضع الأشياء فيها بدلاً من الأكياس، لكن إذا كنت أحمل أكثر من منتج فأضطر للإستعانة بالإكياس التي أحضرها معي من البيت لكن على قدر ما أستطيع أخفف من استخدامها، وتؤكد انها تحاول ان تجعل كل تصرفاتها اليومية تندرج تحت إطار الحفاظ على البيئة”.
نتجات جديدة
ما يمكن الحصول عليه كمنتجات جديدة من الأكياس هو (سلة التسوق)، التي تعتبرها البطمة من أهم المنتجات التي تعمل عليها كونها تشجع المتسوقين على الإستغناء عن عدد كبير من الأكياس التي يمكن استعمالها في عملية التسوق، وبالتالي يقلّ استخدامها ونحافظ بذلك على البيئة.
من مميزات هذه السلة أنها متينة حسب رأي البطمة ويمكن استعمالها لفترة طويلة بدلاً من الأكياس، إذ تحتاج سلة متوسطة الحجم لنسيج من 50 كيسا تقريبا.
ومن المنتجات الصديقة للبيئة التي يمكن عملها أيضاً (حقيبة الظهر) ويمكن استخدامها خلال الرحلات المدرسية، وترى البطمة أنه يمكن تطبيق هذه المبادرة في المدارس للتخلص من الأكياس المتخلفة عن استخدام الطلاب.
يذكر ان البطمة تعمل هذه المنتوجات لأسرتها والجيران وعرضت هذه المبادرة لأول مرة في المؤتمر السابع للتوعية والتعليم البيئي الذي عقد في بيت لحم، وستعمل لاحقا على التوعية في المدارس وربات البيوت.
بالإضافة إلى الأواني الزراعة “القواوير” التي تصنعها من العلب البلاستيكية مثل علب الألبان وتزيينها بنسيج من الأكياس. وأيضا يمكن صنع كراسي محشية مما يطلق عليه (بين باغز)، وتنسج من أكياس النايلون علب خاصة للمناديل، وكذلك ألعاب للأطفال.
خطرة على البشر والحجر
بالعودة إلى المراجع العلمية، تصنع الأكياس البلاستيكية من مواد ضارة تصنف من مشتقات النفط بالإضافة إلى المواد الكيميائية، لكن مكونها الأساسي هو ” البترو- بولميرات ” التي تضر بصحة البيئة، وليس من السهولة أن تتحلل كون البلاستيك مركب معقد يصعب على المحللات الحيوية مثل البكتيريا والفطريات اختراق ذراتها، اذ يحتاج محللات غير حيوية كالظروف الكيماوية والفيزيائية: مثل التعرية المائية والرياح ليتحلل، وتبدأ رحلة التحلل من عام إلى ألف عام بناءً على الظروف المحيطة، وحتى عندما تتحلل مادة البلاستيك يزداد خطرها أكثر على الطبيعة وخاصة التربة التي تفقد قيمتها وتصبح غير صالحة للزراعة واعاقة تغذية النباتات، بسبب امتزاجها بمواد كيميائية سامة، الهواء أيضا لا يسلم من البلاستيك في حال حُرقت الأكياس التي تتسبب بنشوء سموم من الغازات مثل “الديكوسنات” الذي يعتبر من أكثر الغازات المسببة للإحتباس الحراري.
يؤكد مدير قسم صحة البيئة في وزارة الصحة إبراهيم عطية، أنه بالإضافة إلى كل المخاطر التي تم ذكرها، فهناك خطر أكبر على صحة الحيوانات التي تبتلع عددًا كبيرا من الأكياس ما يؤدي لنفوقها.
وكذلك الإنسان يصاب بالضرر من البلاستيك بعد أن يتناول أغذية ومشروبات حفظت في أكياس وعلب بلاستيكية، حيث أن هناك نوعان من الأكياس البلاستيكية حسب ما بينه عطية: أكياس البولي إيثلين مرتفعة الكثافة، وهي رقيقة خفيفة الوزن تستعمل في الأسواق والمحلات ويكون تحللها أسرع لكنها أكثر ضرراً على صحة الإنسان بسبب المواد الكيميائية والأصباغ الملونة لذلك يمنع استخدامها ووضع الأغذية فيها وخاصة إذا أعيد تصنيعها، وثانيا أكياس البولي إيثلين منخفض الكثافة وهي الأكياس السميكة المستعملة عادةً لتغليف المنتجات الأعلى جودة.
وعلى الرغم من ذلك الإ أن معظم المواطنين يستخدمون هذه الأكياس أولاً لعدم توفر بدائل مثل الأكياس الورقية والتي تعتبر ُمكلفة، وثانياً غياب الثقافة والوعي من مخاطر البلاستيك.
لذلك قبل الحديث عن منع الأكياس، يضيف عطية، يجب الاهتمام بوجود بدائل ووضع الخيارات الممكنة أمام المواطنين قبل تشجيعهم على عدم استخدام الأكياس البلاستيكية، حيث أن فكرة اتخاذ مثل هذه الخطوة يتطلب مراقبة ومتابعة وتشريع من الجهات المختصة بالتزامن مع العمل على الجانب التوعوي من خلال الحملات الإعلامية حول القضايا البيئية.
ويعمل قسم صحة البيئة في وزارة الصحة، على حملات توعية مختلفة، إذ انه استطاع في السنوات السابقة ان يمنع استخدام الأكياس المعاد تصنيعها والتي تعد خطيرة جداً، يقول عطية.