ماتت السياحة لكن لن تمت البتراء

* بقلم الدكتور كمال الزغول

لطالما تحدث الكثير عن تأثير كورونا على الإقتصاد الإردني دون أن يذكر بأن الأزمة عابرة وليست دائمة، ودون ذكر الخطة البديلة لتغطية النقص الحاصل في الميزانية المتأتية من السياحة بشكل عام، في الوقت الذي يبحث فيه السائح عن عروض تستقطبه نحو مزيد من الرحلات الآمنة الى الأردن لكن عدم وجود “استقلالية سياحية” عن الجوار بعروض اردنية بحتة أدى الى تفاقم الأزمة .
الحكومة بدأت بتتبع المسار السياحي والعمالة الموجودة به، والتي تأثرت بموجة كورونا التي أغلقت الحدود الأرضية لكن حدود الإنترنت ما زالت مفتوحة وتسهم في التأثير على الإقتصاد الوطني إما بشكل ايجابي او بشكل سلبي سافر .
ومن باب العدل ،نقول أن الحكومة قامت بعمل جيد في مواجهة الفيروس لأنها تعتمد بثلث اقتصادها على السياحة وخرجت بتصريحات للعالم تعلن فيها خلو الأردن من فيروس كورونا كرسالة اطمئنان على الأقل ليس من أجل هذا الموسم وإنما للموسم القادم واستثمار مواقع الانترنت بطريقة ايجابية ،لكن على الجانب الآخر ، يجب ايقاف الإشاعات ونفيها بطريقة رسمية وبردة فعل آنية تُبعد فيها النوايا السيئة لبث الرعب في جميع القطاعات.
المجتمع الآن بحاجة لتوضيح “كل شيء” حول “كل شيء طاريء” من قبل الحكومة في جميع القطاعات بشكل عام وفي القطاع السياحي بشكل خاص.
الوعي المطلق للشعب يأتي من العقل الجمعي الذي يؤمن بأن الأردن بحاجة لمعايير ضبط وتوازن في التصريحات حول الوضع الراهن لفيروس كورونا ،لأنه يؤمن أن مصدر الإقتصاد الأردني الأول هو السياحة وأن برامجها الوقتية تتبدل وتتغير حسب الظروف، وعليه فإن المواطنين الذين يعملون في القطاع السياحي هم سُفراء مثَّلوا الإردن من خلال عملهم في إيام الرخاء وهم الآن ينتظرون كيف تُقدر الحكومة هذا التمثيل في أيام التعثر .
ومن باب تفاؤلي بحت، نقول ان الأساس في السياحة هو المكان، فإن أغلقت الحدود بشكل مؤقت هذا لا يعني إعلان وفاة المكان ، فإذا ماتت السياحة فإن البتراء لن تمت، ومدن الديكابولس العشرة لن تموت،وستبقى لديها دعوة مفتوحة لكل قادم، لكن عبر مطارات الاردن وعروضها وليس عبر عروض حزم الجوار لتحقيق شيء يسمى “الاستقلالية السياحية” الذي فقدناها هذه الأيام.

 

* الدكتور كمال الزغول ،كاتب وباحث في التاريخ السياسي الأمريكي، دكتوراه في الفلسفة تخصص تاريخ وتاريخ الأدب والجغرافيا.

Exit mobile version