أوراق ميديا _ مقالات
سماح سلطان محامية وناشطة حقوقية وبيئية، تكتب:
كثيرا ما أصبحنا نسمع مؤخرا بمصطلح الإقتصاد الأخضر في وسائل الإعلام المختلفة، حتى أصبح المصطلح مألوفا لنا ربما دون معرفة ماهيته بالتحديد. فما هو الإقتصاد الأخضر؟ و كيف نشأ تاريخيا ؟ و ما أبعاد تطبيقه في الأردن؟
للاقتصاد الأخضرGreen Economy تعريفات متعددة أبسطها بأنه اقتصاد يهدف إلى الحد من المخاطر البيئية و إلى تحقيق التنمية المستدامة دون أن تؤدي إلى حالة من التدهور البيئي. و هو يرتبط بشكل وثيق بالاقتصاد الإيكولوجي لكنه يتمتع بتركيز أقوى من الناحية السياسية.
و بالنظر لتاريخ نشأة أو ظهور هذا المفهوم فقد تم تسليط الضوء عليه دوليا في الكثير من المؤتمرات و ورش العمل بعد قمة الأرض في ريو دي جانيرو 1992. ثم اجتمع بعد ذلك بعشرين عام 193 دولة في ريو دي جانيرو أو ما يعرف بمؤتمر (ريو +20) الذي ركز على موضوعين رئيسيين هما: الإقتصاد الأخضر في إطار التنمية المستدامة و القضاء على الفقر.
و قد جاء هذا لاحقا للأزمة المالية العالمية 2008، حيث بدأ برنامج البيئة بالترويج لما يسمى الصفقة العالمية الجديدة. فأطلقت مبادرة شاملة بشأن الإقتصاد الأخضر بغية تبيان السياسات العامة و مسارات العمل بشأن تحقيق نمو اقتصادي أثر استدامة.
يجدر بالذكر أن التحول للإقتصاد الأخضر ليس قرارا فوقيا و إنما عملية طويلة و جهد مكثف لكل الأطراف من القمة للقاعدة مما يشمل السياسات، التشريعات، البنية التحتية،التعليم و التدريب، و التوعية و التثقيف.
و بالرغم من أن الأردن كان رائدا في إصدار تشريعات التحول إلى الإقتصاد الأخضر إلا أنه تأخر في التطبيق. فهو لا يرصد نفقات خاصة لمشاريع المناخ و الإقتصاد الأخضر في الموازنات العامة السنوية ، بل يتعتمد على المنح الخارجية فقط. مما يعني أن هذه المشاريع لا تحظى باهتمام حقيقي من قبل الحكومات المتعاقبة و تفتقر للاستدامة.
عربيا، يعتبر الأردن البلد العربي الأول الذي أجرى دراسة وطنية استكشافية لتقييم الوضع الإقتصادي و البيئي و فرص نجاح الإقتصاد الأخضر. فتم إعداد مشروع التنافسية الأردني الذي تنفذه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الذي قام بدراسة مفصلة للقطاعات الخضراء التي يمكن خلق وظائف جديدة فيها ضمن سياق التكنولوجيا النظيفة و خاصة الطاقة المتجددة و إدارة النفايات و المباني الخضراء و النقل الصديق للبيئة و السياجة البيئية.
و بما أن الموارد الطبيعية محدودة جدا في الأردن و يزداد الطلب عليها باستمرار، لذلك فإن الاقتصاد الأخضر و التنمية الإقتصادية و التنمية المستدامة أصبحت حاجة لا خيار. فالحكومة الأردنية تخطط للححصول على الكهرباء المتجددة من الطاقة الشمسية و طاقة الرياح لذلك قامت بإقرار التشريعات اللازمة لذلك و وقعت الإتفاقيات مع مستثمري الطاقة المتجددة لبدء مشاريع توليد الطاقة الشمسية و طاقة الرياح.
إلا أن التحديات مازالت تكمن بجعل الإقتصاد الأخضر و إطاره القانوني محل أولوية وطنية، له مخصصات في الموازنة العامة لضمان الإستدامة بالإضافة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية و الأجنبية لهذا الاقتصاد بهدف خلق فرص عمل جديدة و تحقيق تنمية مستدامة و نمو اقتصادي حقيقي.