سماح سلطان – أوراق ميديا
التغير المناخي كخلل في الظروف المناخية معروف بوضوح فهو يمكن أن يشل معدل درجات الحرارة و معدل تساقط الأمطار و حالة الرياح بسبب نشاطات الإنسان المعتمدة على الوقود الأحفوري. لكن ما يعنينا هنا ما يرافقه من تحديات مجتمعية كبيرة. حيث تعاني الدول النامية كونها الأكثر تضررا من التغير المناخي، علما أنها ليست المسبب الرئيس لهذه الظاهرة التي تسببت فيها الدول الصناعية الكبرى ذات النسب الأعلى من انبعاث الغازات الدفيئة.
و يؤثر التغير المناخي على زيادة الظلم الذي تتعرض له النساء كفئة مهمشة و تحديدا المزارعات. حيث أن النساء حتى في الأوضاع الطبيعية حيث لا يوجد أوضاع انسانية خاصة أو طارئة يكن معرضات لعدم المساواة فما هو الحال بالحالات المستقبلية المتوقعه كنتيجة للتغير المناخي؟
ان ترجمة التغير المناخي مستقبلا على أرض الواقع قد تأتي على هيئة فيضانات، انهيارات أرضية أو أعاصير مثلا بشكل مفاجئ قد يؤدي بالإنسان إلى النزوح و الهجرات من مكان لاخر أو من دولة لأخرى. وقد لاحظنا سابقا أن المتأثر الأول بالهجرات بشكل عام بما فيها التي تمت لأسباب سياسية غير بيئية هم النساء و الأطفال.فتتعرض النساء تحديدا لأخطار متعددة ذات أبعاد اجتماعية تتعدى الخطورة على الصحة و تمتد إلى مخاطر الاستغلال جنسيا، التحرش، الإغتصاب و الزواج المبكر؛ حيث أن المرأة تكون غالبا مسؤوله عن البحث عن الغذاء و الماء و ضروريات الأسرة في بيئة جديدة وغير مريحة.مما يستدعي ضرورة استباق هكذا تصورات مرعبة بالوصول إلى حلول بيئية على مستوى العالم.
و تعتبر مسؤولية تعويض الفئات المهمشة المتضررة من التغير المناخي كالمزارعات في الدول النامية مثلا مسؤولية مجتمع دوليه و لا تقتصر فقط على الدولة وحدها او المجتمع في تلك الدوله. فكما هو متعارف عليه في علم البيئةأن الطبيعه لا تعرف الحدود، فمن غير المتصور أن تحل مشاكل المناخ في الأردن على مستوى الأردن بمعزل عن العالم. حيث أن الأردن كدولة متأثرة بهذا الوضع و ليست من الدول المؤثرة فيه، فمهما التزمنا بتقليل الانبعاث و تعديل التشرعات و تغيير السياسات ستبقى هناك دول كبرى نسبة انبعاثاتها أعلى بكثير. و لذلك نؤكد على أهمية المسؤولية الإنسانية العالمية تجاه الدول النامية المتأثرة بالتغير المناخي.
و مع أن النساء هن الأكثر تعرضا للظلم في المجتمع، إلا أنهم يشكلن الحل؛ فتشكل النساء عالميا أغلبية فقراء المجتمع و أكثرهم حاجة للتنمية المستدامة و الأكثر اعتمادا على هذه المواردالطبيعيه،و هن في ذات الوقت الأقل قدرة على التحكم بهذه الموارد و الأضعف صوتا في صنع القرارلأسباب كثيرة تجعلهن مصدرا ضروريا عند وضع السياسات العملية القابلة للتطبيق. فمن ناحية عملية لم نختبر كقانونيين أي مشروع من مشاريع كسب التأييد ناجح دون مشاركة فعلية للقطاع النسائي.و لذلك يجب لتأكيد على أهمية إشراك المرأة في وضع الحلول أو السياسات لضمان نجاحها على أرض الواقع.
بالرغم من الإتفاقيات الدولية هي أساس القانون البيئي لا يستهان بها كسبب للالتزام بها من الدول المصادقة عليها، إلا أنه لم يعد مقبولا في المجتمع الدولي في ظل التطورات البيئية الحالية أن تتذرع بعض الدول بعدم انضمامها للاتفاقية. فأصبح هناك التزام إنساني عالمي يقتضي بذل الجهود لايجاد الحلول.
و تبقى المخاوف او التشاؤمية حاضرة بعد الانضمام للاتفاقيات فنتساءل عن مدى الالتزام الحقيقي للدول و مدى ترجمتها على ارض الواقع. فهل تقوم جميع الدول المنضمة بمراجعة سياساتها و تشريعاتها الداخلية أم لا.
و وفق تقديرات الأمم المتحدة لعام 2018 تشكل السيدات 80% من النازحين بسبب التغير المناخي، و عليه يجب مراجعة بعض الاتفاقيات و إعطاء خصوصية للفئات المهمشة كالمرأة و الطفل و تأثيره عليهم.
و هناك حاجة دائمة لمراجعة الاتفاقيات الدولية فالأردن مثلا منضم لاتفاقية باريس، و هي من الجهود العالمية المهمة التي قامت بها الأمم المتحدة لمواجهة التغير المناخي.و قد تضمنت هذه الإتفاقية الالتزام بالحق في الصحة و الالتزام بالمساواة بين الجنسين و تمكين المرأة. و لذلك تمت دعوة هذه الدول الموقعه على الاتفاقية للاعتراف بأهمية تمكين الإناث من خلال حصولهن على خدمات الصحة الانجابية و الدور الرئيسي لهن في الاستراتيجيات المستقبلية لموضوع تغير المناخ في كل دولة. مما يظهر التوجه العالمي فيما يتعلق بحماية النساء في الصحة بشكل عام و الصحة الانجابية بشكل خاص لما لها من دور مهم جدا و توابع للموضوع.
كما أن الأردن موقع على اتفاقيات حماية الطفل و حقوق الطفل، في دولة فيها 4 مليون طفل تحت ال18 سنه يشكلون ما نسبته 40%من السكان 30% منهم ير أردنيين بسبب موجات اللجوء. و التساؤل هنا إلى أي مدى هذه الحقق موجودة على أرض الواقع ، و هل تم تكييف قوانيننا و تشريعاتنا بما يتلاءم و هذه الاتفاقيات؟ مما يستدعي المراجعه الدائمة للتشريعات الداخلية لتتلاءم مع الاتفاقيات المصادق عليها.
و تؤدي مطالبة الدول النامية بتغيير تشريعاتها الى ترتيب أعباء تكاليف توفير الصحة الانجابية و الحماية لمواجهة التير المناخي الذي ساهمت به الدول الصناعية بشكل أساسي و يجب أن تحمل مسؤولية في دعم الدول المتأثرة في مواجهته.
و هنا يكمن دور الوفود الأردنية المشاركة في المنتديات و القمم البيئيية الدولية كقمة جلاسكو المنعقدة مؤخرا. يكمن هذا الدور في شرح للأثار السلبيةالتي نتعرض لها حاليا و الأثار المتوقعه مستقبلا و أن نطالب هذه الدول المؤثرة في التغير المناخي بأن نشارك بجاهزية بأفكار و أرقام و حلول مقترحة. فمن حقنا ان نتحدث عن المشكلة و نطالب الدول الصناعية الكبرى بتحمل المسؤولية التي هي تشاركية.
وأخيرا و بالحديث عن دور النساء كمحركات للحلول البيئية؛ فقد كان الأردن من أولى الدول العربية التي قدمت التقرير حول النوع الاجتماعي في التقرير المقدم لسكرتارية الاتفاقية الدولية لتغير المناخ. و هذا كبداية تدعو للتفاؤل يجب أن يرتبط بسياسات جدية على ارض الواقعي يتم فيها إشراك النساء و عدم فرض السيايات عليهم لأانهن يتعاملن بشكل مباشر مع البيئة و يعرفن العقبات و المشكلات الممكن مواجهتها.و هناك العديد من التجارب الوطنية و العالمية التي تدل على محورية دور المرأة كمحرك للحلول البيئية يمكن التطرق لها في مقالات أخرى بتوسع.