أوراق ميديا _عمان
كشفت المسودة الأولية لمراجعة حالة البيئة للعام الحالي، عن “ضرورة إيلاء استراتيجيات حماية نظام الطبيعة في الأردن أهمية وطنية في ضوء توثيق ارتباط ظهور الأمراض حيوانية المنشأ مثل “كورونا”، بالتغيرات والاضطرابات البيئية الناجمة عن توغل الانشطة البشرية في الموائل الطبيعية”.
وأشارت نتائج المسودة، التي تأتي ضمن محور قطاعات البنية التحتية في تقرير حالة البلاد للعام 2020، الى “أهمية إقامة بنية مؤسسية حكومية تعنى بجهود تحسين جودة الهواء وطنيا وبشكل منهجي، وأن لا ينحصر الاهتمام على دور الأوبئة في استفحال الأمراض التنفسية، إذ ينبغي أن تكون شمولية لأخذ الحيطة من مخاطر أزمات محتملة مصل تغير المناخ التي تفاقم من هذه الأمراض”.
وشددت المسودة، التي أعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي وسيناقشها في جلسة تعقد غدا، على “مراجعة المواصفات الأردنية المتعلقة بجودة الهواء وتحديثها بما يتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية، وضبط محتوى الكبريت في وقود الديزل، الى أحد أقصى لا يتجاوز الـ10 أجزاء من المليون، وتحديد معايير صارمة لانبعاثات عوادم حرق الديزل”.
وركزت المراجعة على “أهمية الكشف عن بؤر تلوث الهواء في الأردن واتخاذ إجراءات وقائية واحترازية إضافية في هذه المناطق للتقليل من ازدياد وطأة مخاطر العدوى من كوفيد 19″.
وأكدت أن” التعثر في تنفيذ العديد من مشاريع وخطط وزارة البيئة الى ضعف وزنها السياسي، إذ أن الشأن البيئي ما يزال لا يحظى بنصيبه المشروع من الفكر الاستراتيجي الوطني”.
وعزت أسباب التعثر الى “عدم توفر التمويل أو عدم رغبة المؤسسات القطاعية الوطنية المعنية بتنفيذ السياسات والخطط والتعليمات والقرارات الصادرة عن وزارة البيئة”.
وبينت نتائج المسودة، التي حصلت “الغد” على نسخة منها، أن “وثيقة بيئة الأردن 2030 لن تسهم في إنهاء حالة التهميش السياسي للبيئة، بل إن ذلك لن يكون الا في ترسيخ فكرة أهمية صون البيئة في الفكر الاستراتيجي الحكومي، وبرفع المخصصات المالية للوزارة ورفدها بالموارد البشرية والفنية وتعزيز دورها التنظيمي والرقابي ودعم استقلاليتها”.
وتدعو المراجعة الى “إنشاء شبكة وطنية لمراقبة المضيفات والنواقل الطبيعية لمسببات الأمراض، وتقييم حالة الموائل التي تؤويها، ورصد حالات الاجهاد البيئي التي تتعرض لها من قبل النشاطات البشرية المتوغلة، ولا بد من إدراك أثر تغير المناخ في نشوء أو إعادة نشوء الأمراض الحيوانية من خلال التأثير على بقاء مسببات الأمراض والنواقل والمضيفات وتكاثرها ووفرتها وتوزيعها”.
وتوصي المراجعة بأن “تأخذ خطط التكيف هذه المعطيات في الحسبان والعمل على تقوية حصانة النظم الطبيعية والزراعية وبناء القدرات التكيفية للمجتمعات المحلية في الأردن، وينبغي أن تستند خطط التكيف على الكشف الدقيق عن أخطار تفشي الأمراض البشرية المعدية، حيوانية المنشأ والآفات الزراعية المحتملة، وتقدير قابلية التعرض لها، وتقييم الهشاشة”.
وفي معرض تقييم المواءمة بين الخطة الاستراتيجية لوزارة البيئة (2017-2019) ووثائق الرؤى الوطنية واولويات عمل الحكومة للعامين 2020-2021، وجدت المراجعة أن هنالك “توجها للتعاطي مع الملف البيئي من منظور أمني بحت سعيا الى تعزيز سبل التزود بموارد الطاقة والمياه والغذاء، واذا كانت هذه المقاربة الأمنية تبدو وكأنها تعالج قضية أمن التزود بالموارد الا أنها شديدة الانتقائية واختزالية وتستبعد حساب مخاطر عدم التقيد بالحدود الإيكولوجية، مما قد يسفر عنه انهيار في استقرار وأداء النظام الطبيعي في حال تجاوز هذه الحدود على المدى الطويل”.
وتدعو المراجعة الى “استبدال الإطار الأمني البحت بمقاربة جامعة أكثر شمولية تراعي الى جانب توفير أمن التزود بالموارد، مقومات بناء المنعة ومركزية احترام الحدود التجديدية للنظم الطبيعية”.
وقد وجدت المراجعة غياب التواؤم بين الخطة الاستراتيجية لوزارة البيئة 2020-2022، والمشاريع المدرجة في الموازنة المقدرة للأعوام 2020-2022، اذ لم تحتو على مخصصات مالية لبرامج المحافظة على التنوع الحيوي ومكافحة التصحر وتأهيل المواقع المتضررة بيئيا على الرغم من الأولوية الاستراتيجية والمؤسسية الموثقة فيها.
وأوضحت المراجعة أن “موازنات باهظة رصدت لمشاريع انشاء حدائق ومتنزهات بيئية، ومن أجل تصويب هذا الخلل لا بد من إدراج مشاريع تعنى بحماية التنوع الحيوي، واستدامة خدمات النظم البيئية في الموازنة ورصد مخصصات مالية لها، ونظرا للمستوى المتواضع لميزانية وزارة البيئة، فإن هنالك حاجة الى تكريس موازنة خاصة من رئاسة الوزراء لتمويل مشاريع إعادة تأهيل الأحواض المائية والأراضي الرعوية والحرجية والبؤر البيئية الساخنة”.
وفي ضوء غياب التنسيق المؤسسي، شددت المراجعة على “الوقوف على أسباب الإهمال وإعادة النظر في هياكل أطر الحاكمة ووسائل التنسيق المؤسسي وآليات صنع السياسات، من أجل الارتقاء النوعي في الأداء الاستراتيجي في هذه النشاطات وتطوير فعالية الإدارة العامة، وإن فهم مدلولات جائحة كوفيد 19 تؤكد بلا أدنى شك صواب مقاربات وأطروحات في الخطاب البيئي بأنها أهملت وهمشت منذ عقود في سبيل تعظيم الناتج المحلي الإجمالي، والذي بات واضحا أن البلاد بدأت تدفع ثمن هذا التهميش، فالإنسان، دخل في مواجهة لا طوعية مع تأثيرات تغير المناخ، وتلوث المحيط الحيوي، ونضوب الموارد المتجددة وانتشار الأمراض المعدية حيوانية المصدر”.
ووفق المراجعة، “إذا كان هنالك استعداد للتعلم فإن ذلك يجب أن يدفع إلى التفكير في كيفية تغيير المسار ووضع أسس فكرية مغايرة لنظريات التنمية الاقتصادية التقليدية السائدة، وفي ضوء غياب هذه النقلة الفكرية، ستكون هنالك عواقب من شقين يتمثل أحدهما في مزيد من التدهور في صحة الإنسان، والأخر في خسارة الأصول الرأسمالية الطبيعية التي تعد من أهم أركان الاعتماد على الذات.. ان تحديد أولويات ملف البيئة في مرحلة ما بعد كورونا ينبغي أن يبدأ من خلال الفهم العلمي للعلاقة بين الجائحة من جهة وملفات تلوث الهواء وتغير المناخ وتدهور النظم الطبيعية من جهة أخرى، والتي يتطلب استحداث استراتيجيات إضافية لتفادي التداعيات ورفع مستوى التأهب”.
ودعت المراجعة إلى “تقييم حالة الموائل التي تؤوي المضيفات والنواقل الطبيعية لمسببات الأمراض حيوانية المنشأ، ورصد حالات الاجهاد البيئي التي تتعرض لها من قبل النشاطات البشرية المتوغلة، كما لا بد من تقييم مواطن الهشاشة بشأن تفشي الأمراض البشرية المعدية حيوانية المنشأ والآفات الزراعية، وتقدير قابلية التعرض لها، ومدى إمكانية التأثر فيها، ويجب أن يتم تجنيد الإرادة السياسية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية وخطة العمل للتنوع الحيوي 2015-2020 التي تزود صانعي القرار بمصفوفة متكاملة من الأهداف والبرامج ومؤشرات قياس الأداء”.
وأوصت، “بإخضاع المشاريع الاستثمارية في التنقيب عن الخامات المعدنية واستخراجها الى الاجراءات المدرجة في الاستراتيجية الوطنية وخطة العمل للتنوع الحيوي، الكفيلة بصون التنوع في هذه المناطق وفقا للأنظمة والتعليمات القانونية، ومن الضرورة تعميم مفهوم المنعة في منهجيات التخطيط الحكومية وغير الحكومية على كل المستويات، وتطوير طرق فعالة لبناء وقياس وإدارة مقوماتها في جميع القطاعات، ويجب العمل على دراسة “الاجراءات الكفيلة بتحفيز الاستخدام السليم لوسائل النقل العام في ظل التردد الذي يطرأ على سلوك العموم في استعمال الحافلات في التنقل في عصر ما بعد كوفيد 19”.
ودعت المراجعة الى “إعادة النظر في المناقلات المالية لمشاريع وزارة البيئة الجوهرية، وتخصيص موازنة لبرنامج المحافظة على التنوع الحيوي ومكافحة التصحر وتأهيل المواقع، ورصد مخصصات مالية لتمويل مشاريع اكمال الشبكة الوطنية للمناطق المحمية والإدارة المتكاملة لإعادة تأهيل المناطق المتدهورة بيئيا”.
نقل عن جريدة الغد