*بقلم : أ. سماح سلطان
كثيرا ما نسمع بمصطلح التنمية المستدامة مرتبطا بالبييئة بشكل عام و القانون البيئي بشكل خاص. فماذا يعني كل منهما، و ما الفرق بينهما؟ و هل وجدت التنية المستدامة كبديل للقانون البيئي؟
يعرف القانون البيئي أو قانون الموارد البيئية و الطبيعي (بالإنجليزية Environmental law) بأنه مصطلح جماعي يصف مجموعه من المعاهدات و النظم الأساسية و الأنظمة و القوانين العامة و العرفية التي تعالج أثار النشاط البشري على البيئة الطبيعية. كما تعرف التنمية المستدامة بأنها عملية تطوير الأرض و المدن و المجتمعات و الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها.
و كون التنمية المستدامة قد نشأت كمصطلح متأخرا عن القانون البيئي – و ذلك لارتباط نشوئه بإدراك المسؤوليات المترتبة على الملوثين و مطالبتهم بالتعويضات عن إضرارهم بالحياة الطبيعية و المصادر الطبيعية- برز التساؤل حول كون التنمية المستدامة بديلا للقوانين البيئية أم لا.
و بالإجابة على ذلك، لا تشكل التنمية السياسية بديلا للقانون البيئي. حيث أن التحول لقوانين التنمية المستدامة مرحلة تتطلب بذل المجهود لإدخال الأجزاء الأساسية من قوانين التنمية و الملكية، و التعاقد و التويضات بالمبادئ البيئية.
فهناك تباين واضح ما بين قوانين التنمية المستدامة و البيئة. فبالنظر للمسألة تاريخيا، نجد ن معظم الدول الصناعية شجعت التنمية السريعة للمصادر، بتسهيل منح الأراضي و شركات السكك الحديدية و التعدين مقابل قيود محدودة على هذه القطاعات. لحق ذلك متأخرا جهود حماية و المحافظة على البيئة و برامج مكافحة التلوث، ثم ظهور القانون البيئي.
فكان القانون البيئي دائما بمثابة ردة الفعل للتعامل مع مشاكل كالتسريبات النفطية و الأبخرة و أشكال الإضرار بالبيئة المختلفة. بيما ظهرت التنمية المستدامة كجهد لدمج مبادئ الطبيعه و البيئة في تشريعات التعاقد و الملكية و التعويضات.
و تطلب هذا التحول باتجاه التنية المستدامة إلى التركيز على النشاطات الإنسانية و إعادة دراسة التشريعات الموجودة المتعلقة بمبادئ الملكية و الضرائب و المؤسسات المصرفية و مراجعة كل ما يتعلق بالتشريعات الناظمة للزراعه و الطاقة و النقل و التصنيع. مما يجعل من التنمية المستدامة حجر الأساس لسياسات التنمية عالميا و وطنيا.
و من الفروقات الهامة بين القانون البيئي و التنمية المستدامة أن الأول جاء ليركز على المرحلة المتوسطة للإنتاج أو الصناعه، و باهتمام متواضع باستخراج الموارد الطبيعية التي أتت قوانينها لتشجع تنمي سريعه للمصادر في ظل وجود حوافز استثمارية و اقتصادية و دعم حكومي للصناعات. و هنا تبرز أهمية التنمية المستدامة لإحداث التوازن بالتأكيد على إبقاء الاستثمارات و استغلال المصادر الطبيعية دون التعدي على حق الأجيال المستقبلية بهذه الموارد.
على الصعيد الوطني في الأردن نجد قانون سلطة منطقة العقبة الأقتصادية الخاصة جاء مثالا على الاهتمام بالتنمية المستدامة و عتبارها ركيزة لسياسات المنطقة. فقد ورد في رؤيا السلطة على أن منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة مقصد استثماري و سياحي عالمي على البحر الأحمر يرفد الأردن بمحرك تنموي و يحقق الارتقاء بالمستوى المعيشي و الازدهار و الرفاهية للمجتمع ضمن إطر من التنمية المستدامة و الشاملة.
و جعلت السلطة من أهم أهدافها المحافظة على البيئة و الصحة و السلامة العامة. و ركزت استراتيجيتها المعلنة 2018-2025 على دعم الأهداف الوطنية الأربعه للسلطة و منها الحفاظ على البيئة الأردنية و حمايتها من التلوث خدمة للتنمية المستدامة. فالخطوة الهم للانتقال لمرحلة التنمية المستدامة هي بالتأكيد على جعلها الهدف الوطني الأساسي لكل قطاعات التنمية بإحداث التوازن بين العم البيئي و المصالح الإقتصادية.
* حقوقية وناشطة بيئية وحقوقية