أوراق ميديا _الأردن
تفرز ربة المنزل ربى حجارة التي تقطن في العاصمة، نفايات منزلها، وتتعامل مع تطبيق “جرين جو” الخاص بإعادة تدوير النفايات، لأخذ ما تفرزه منها بمقابل مادي بسيط.
مكن اهتمام ربى بالبيئة من التزود بالمعرفة حول التغير المناخي وأثر الانبعاثات الحرارية الخطرة، ما جعلها تشعر بالذنب لاستعمالها الأكياس البلاستيكية، والحذر من التعامل مع البيئة، وهذا شجعها على إعادة تدوير نفاياتها.
تقول ربى، انها ليست الوحيدة في العائلة التي تفرز نفاياتها، إذ نصحت أقاربها، ودربت أطفالها على كيفية التعامل مع هذه المهمة، لكنها ترى أن كبار السن يجدون صعوبة في ذلك.
“سمعنا انه في وقف لاستعمال الأكياس البلاستيكية، لكن مش شايفه في تطبيق على أرض الواقع، وكلها (عناوين جرائد)”، وفقها، بينما ترى ان ما تقوم به لن يكون مؤثرا ما دام الجميع لا يقوم بمثله، وتتمنى من وزارة البيئة سن قوانين رادعة، وتضمين المناهج التعليمية دروسا تحض على هذا النوع من الاحترام للبيئة والحفاظ عليها.
مشاريع صغيرة لتدوير النفايات
منذ نحو نصف عام، بدأ عمل تطبيق “جرين جو” في عمان الغربية وجزء من الشرقية والرصيفة والزرقاء، بهدف التخفيف من الأثر البيئي على التغير المناخي، بحيث وفر 46 فرصة عمل. يقول مدير مشروع التطبيق المهندس أسامة الغويري، إنه وعبر التطبيق، وصلنا لأكثر من 6658 مستخدما و212 شركة، مشيرا إلى أن 80 % من مستخدميه اناث، ما يبشر بتغيير في الثقافة البيئية.
ويوضح الغويري أن التطبيق، يحدد للمستخدم طريقة الفرز والمواد المتوافرة لديه، ومن ثم يختار موقعه ليصل له مندوب “جرين جو”، قائلا “مؤسساتنا لا تعيد التدوير حتى هذه اللحظة، لأنه ما في مبادرة من شركات اعادة التدوير نفسها، او من الجهات المتخصصة بجمع النفايات” مشيراً الى وجود بوادر تعاون ودعم معنوي من جهات حكومية.
حال نفاياتنا
تبقى محاولات ربى و”جرين جو” فردية، تحتاج لمشاركة واسعة من المجتمع؛ لتخفيف أثر النفايات في التلوث والتغير المناخي، فالأردن ينتج نحو 2.5 مليون طن نفايات صلبة بلدية، وفق تقرير حالة البيئة 2016.
ويشير التقرير نفسه إلى أن النفايات الطبية تنتج 2745 طنا، و45 ألف طن نفايات صناعية خطرة سنويا، تدور غالبيتها كالزيوت المعدنية وبطاريات الرصاص الحامضية المستهلكة، وتنقل الى مركز معالجة النفايات الخطرة (سواقة) 2000 طن سنويا.
في تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان عام 2018، رصدت تحديات في مجال إدارة النفايات، كمحدودية وعدم كفاءة إجراءات التخلص منها، وارتفاع التكاليف التي لا يتحملها المنتجون، بل تعوض الخسارة من ميزانية الدولة.
ويشير التقرير نفسه لوجود ضعف اهتمام بتخفيض حجم النفايات او تدويرها وإعادة استخدامها، حسب هرمية إدارة النفايات، بالإضافة لوجود فجوات في منظومة إدارة النفايات الصلبة، بما فيها مراحل الفرز وإعادة التدوير والتخلص النهائي، مؤكداً تدني مشاركة القطاع الخاص في الإدارة.
وكانت توصياته بشأن إدارة النفايات الصلبة، تقضي باتباع أسس علمية لطمرها وفرزها، وصياغة تشريعات بيئية متكاملة (اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا)، وإنشاء نظام شامل لإدارتها الخطرة والطبية منها، وإشراك المجتمع المحلي بصنع السياسات المؤثرة على البيئة.
يقول الخبير الاحصائي البيئي في دائرة الاحصاءات العامة صدقي حمدان ان نفايات الاردن تساهم بما يقارب 7% من الانبعاثات الغازية.
ويشير حمدان الى مشكلة معرفة كميات النفايات بشكل دقيق، وانه يتم العمل على تطوير نظام معلومات خاص لرصد كمية النفايات جميعها في الاردن.
ويوضح حمدان ان قطاع النفايات يواجه تحديات عديدة من ضمنها موازنة البلديات، مبيناً ان 60% من الانفاق البيئي للبلديات يكون على إدارة النفاياتقول أستاذ هندسة البيئة هاني ابو قديس، إن إدارة النفايات ما تزال تعتمد طرقا تقليدية، بجمعها والتخلص منها في مكبات النفايات، دون لجوء للتدوير واعادة الاستخدام، أو حتى تحويلها لطاقة نستفيد منها.
وفيما يخص امكانية استرداد الطاقة من النفايات، يوضح أبو قديس، أن هناك أكثر من تكنولوجيا تستخدم لاسترجاع الطاقة من النفايات المطمورة، باستخراج غاز الميثان لتوليد طاقة كهربائية، ويمكن استخدامها لتسخين المياه وتوزيعها على الأحياء.
ويضيف أن النفايات غير المطمورة، تفصل عن بعضها في مصانع، لتحللها لاهوائيا ولانتاج غاز الميثان، بالإضافة لطرق اخرى باستدام محارق متقدمة، تسترجع الطاقة من النفايات.
ويؤكد أبو قديس، ان مكب الأكيدر في الشمال، يجري تحويله حاليا الى مكب صحي هندسي صديق للبيئة، بحيث اصبح يشتمل على خلايا طمر مبطنة، وسيجري استرجاع الغاز الحيوي منها، كما هو الحال في مكب الغباوي.
ويبين أنه عند التحول إلى مكبات مركزية بدل المكبات المبعثرة على امتداد الاردن، ويكون النقل للمكبات عن طريق محطات وسيطة، لتخفيف العبء.
أمين عام وزارة البيئة محمد الخشاشنة، أشار إلى أن الوزارة تسعى لتخفض عدد مكبات النفايات حتى العام 2034، من 20 مكبا حاليا إلى 8، التزاماً بالاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات.
ووفقاً للاستراتيجية نفسها؛ فإن 65 % من النفايات الصلبة البلدية، يجب إعادة تدويرها.
وبين الخشاشنة ان مكب الغباوي يستقبل أكثر من 4 آلاف طن نفايات تقريبا، تقدر بنصف نفايات الاردن، وعند الانتهاء من تحويل مكب الأكيدر الذي يستقبل حوالي 20 %، فإن 70 % من نفاياتنا سيجري التخلص منها بشكل آمن.
ازدياد النفايات الطبية في زمن كورونا
تعد النفايات الطبية خطرة، يجب التعامل معها بحذر شديد، خوفاً من نقلها العدوى، وفي الوضع الطبيعي، يبلغ معدل تولد النفايات الطبية المعدية 6.0 كغم/ سرير يومياً، وفق تقرير حالة البيئة – 2016، إذ يشير الخشاشنة الى ان حجم النفايات الطبية يزيد عشرة اضعاف لمريض كورونا مقارنة بالوضع الطبيعي، وفقاً للأوراق والدراسات العلمية الصادرة عن جامعة العلوم والتكنولوجيا.
ويبين أن وزارة البيئة وعبر مشروع دولي زودت مستشفيات وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية بـ11 معقما جديدا للنفايات الطبية وسيارات نقلها، منوها ان الوزارة اصدرت ارشادات توعوية لآلية التخلص من النفايات المعدية للمصابين والمعزولين في المنازل على موقع الوزارة.
القانون الإطاري طريقنا لإدارة مستدامة
في بداية 2020 أقر مجلس النواب القانون الإطاري للنفايات، بعد تأجيل مناقشته لعدة أعوام، بهدف تنظيم إدارة النفايات وتقليل إنتاجها، وإعادة تدويرها ومعالجتها، والتخلص الآمن والاستفادة منها، وتحديد مهام الجهات المعنية بإدارتها.
أما عن سبب تأخر اقرار القانون الاطاري؛ فتقول النائبة السابقة وعضو لجنة البيئة والصحة النيابية حياة المسيمي، إن السبب هو وجود ملاحظات على بعض بنوده، مضيفة أن لجان المجلس لم تعتبر أن له اولوية في النقاش، لذلك جرى تأخيره.
ويبين الخشاشنة أنه وضمن القوانين المطروحة؛ كان يمكن تأخيره للوصول إلى صيغة اكثر توافقا مع الأطراف المعنية، بخاصة أن غرفة الصناعة والتجارة كان لها اعتراض عليه آنذاك، لما سيحمل الصناعة الوطنية من أعباء مالية.
ويلفت الى ان القانون دخل حيز التنفيذ بداية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، وبموجبه، وضعت خطة تنفيذية لـ3 أعوام، وحُددت فيها المحاور الرئيسة، مضيفا أن الوزارة طلبت من الجهات المعنية وضع خطط تشغيلية لتنفيذه.
ويضيف الخشاشنة ان المادة رقم (7) من القانون تترجم مبادئ عالمية للتعامل مع ادارة النفايات في الاردن، مبيناً ان الوزارة تحاول افراد تشريعات خاصة بها.
ويوضح الخشاشنة ان مبدأ المنع يهدف لتجنب انتاج النفايات والحد منها، مضيفاً ان منتجي ومستوردي المواد الضارة وفق مبدأ المسؤولية الممتدة، يتحملون آثارها والتخلص النهائي منها.
وفيما يخص المادة رقم (27/أ/2) من القانون، وتنص على معاقبة كل شخص طبيعي (النباشين) يجمع او يعالج النفايات، فيشير الخشاشنة الى عدم تفعيلها بحذافيرها حاليا، إلى أن نصل لبدائل نوفر لهم طريقة أفضل من النبش كالتطبيقات الالكترونية؛ لسلامتهم.
ويأمل أبو قديس تطبيق
التقنيات الحديثة وتغيير النظرة التقليدية للنفايات عبر القانون، الذي يغلظ العقوبات، ويعالج قضايا اساسية تجعل إدارة النفايات أكثر تطورا واستدامة.
هبةالله ملكاوي_جريدة الغد
