اوراق- حسين الرواشدة
كم يبلغ خط الفقر في الاردن..؟ لا يوجد لدينا اجابة رسمية حتى الان، لكن ثمة احصائيات تشير الى ان نسبة الفقر المطلق بلغت 15.7 بالمئة لعام 2017، بما يعني ان لدينا نحو مليون و 570 الف فقير، كما ان لدينا، وفق اخر تصريح لمدير الاحصائيات العامة، 8 الاف مواطن يعانون من الفقر المدقع، لا يهم اذا كان الرقم الاخير دقيقا ام لا، المهم ان نعرف اولا خط الفقر ثم معدل دخل الفرد لنقرر بعدها بلغة الارقام حالة الفقر في بلادنا، اما لغة الواقع واوجاعه فتلك حكاية اخرى.
ادا تجاوزنا هنا «لغز» الارقام والاحصائيات التي اشغلتنا على مدى الاعوام المنصرفة، ابتداء من ارقام النمو الى الضرائب الى تسعيرة المشتقات النفطية والعجز والمديونية ..الخ، وتجاهلنا الغموض، فان ثمة «الغازا» اخرى ما تزال تطاردنا، اهمها ما فتحنا عليه اعيننا مند الصغر وهو اننا فقراء وبلدنا محدود الموارد، لا بأس، لدينا رأسمال اهم وهو المواطن، استثمرنا فيه، لكن معظم كفاءاتنا هاجرت للخارج، لا بأس ايضا، يمكن ان نستثمر في عوائد المواطن المغترب.
لدينا «لغز» آخر، الدولة الريعية التي عممت ثقافة اعتماد المواطن على الدولة في التوظيف والرعاية، مما افرز اجيالا من «العطالة» المقنعة، وارقاما من العجز في الانتاجية، لا بأس ايضا، فمند سنوات تجاوزنا هده المشكلة، وانتقلنا الى الدولة الانتاجية، فهل انحسرت ارقام الفقر في بلدنا ام تصاعدت..؟
لدينا « لغز» ثالث وهو ان الفقر الدي نعاني منه ضريبة سياسية ندفعها، فقدرنا، كما يروج بعض المسؤولين، ان نبقى معلقين على حدود «الكفاف»، لا بأس ايضا، فقد انتهجنا سياسات الاعتماد على النفس بعد ان اقتنعنا بنهاية عصر المساعدات، ثم دخلنا مرحلة الاصلاح الاقتصادي بوصفات الصندوق الدولي، لكن النتيجة ايضا لم تتغير.
لدينا « لغز» رابع وهو متلازمة الفقر والفساد، هده التي شكلت لافتة دائمة للاحتجاجات والنقد في الشارع، لا بأس، الفساد لم تكسر عينه كما يجب، لكن هل نهاية اوجاع الفقراء في بلادنا ستبقى مرتبطة بنهاية جشع الفاسدين، ثم الى متى سنظل ندفع فاتورة هدا الفساد الدي سرق اموالنا واعمارنا ايضا ..؟ المشكلة ليست فقط في عدم توفر اجابات واضحة وانما في عدم قدرتنا على فك وفهم هده الالغاز ايضا.
سيلاحظ القارئ الكريم ان لدينا الغازا، ان شئت اساطير، اخرى، يعرفها كما اعرفها، سيلاحظ ثانيا ان هده الالغاز حول الفقر اختلطت بالوقائع وربما الحقائق، سيلاحظ ثالثا ان الارقام والاحصائيات اصبحت المصدر المهم لتغدية هده الاساطير والالغاز،والترويج لها ـ سيلاحظ رابعا اننا غالبا ما ننشغل بدحض الارقام او تصحيحها لكننا نغمض عيوننا عن الواقع وكأنه لا يهمنا او لا علاقة لنا به.