*بقلم د.كمال الزغول
كما هو متعارف عليه أن ادارة أزمات الأوبئة هي من واجب المتخصصين بمجال الطب والصحة والباحثين بهما ،الا أنه يندرج تحت منظومة متكاملة في علم السياسة الخارجية والداخلية للدول.
وبشكل دقيق ، الأزمة الوبائية هي مسؤولية كل دولة في العالم ،وأكبر دليل على ذلك أن بعض الدول التي اجتاحها فيروس كورونا فشلت بسبب عدم تكامل علاقاتها الدولية بتبادل المعلومات الطبية والصحية بسبب انشقاقها جيوصحيا عن عناصر الحداثة والتقدم في الدائرة المتكاملة في العالم وعدم دراستها لتأثيرات الأوبئة على الإنسان ضمن البيئة الكونية، بدءاً بعدم توقيع الإتفاقات المتعلقة بالمناخ وانتهاءً بالتصاقها بسياسات التحالفات التي تكون موبوءة أحيانا بعدم تقبل فكرة الآخر.
وكي نوسع الفكرة حول مفهوم السياسة تجاه الأوبئة ، دعونا ننظر الى منظمة الصحة العالمية ودورها في صياغة قوانين ترسم فيها السياسة المتبعة في العالم، في حال حدوث تلك الكوارث الوبائية في أي بيئة في العالم ، ففي أزمة كورونا كان الإخفاق في تنظيم العلاقة الصحية الدولية جلياً وواضحاً، حيث إختلفت سياسات الدول تجاه هذا الوباء بسبب غياب العامل المشترك الذي ينظم تلك العلاقة بينها منذ البداية وخاصة إن وباء كورونا دخل بيئة كل دولة ،حيث كان الإستشعار السياسي لتنظيم العلاقات الدولية في هكذا ظروف ضعيفا جداً.
العلاقة السياسية الجيوصحيّة المرتبطة بالإنسان والبيئة، قد تصبح مطلباً أساسيا في اروقة السياسة بعد الخروج من أزمة كورونا ، لأن الفجوة الناتحة عن عدم تكامل الدائرة الصحية الدولية أوجدت صدمات صحية في جسد العلاقات الدولية، كالتي يوجدها التفلُّت من معاهدة نزع الأسلحة النووية الموقعة في عام ١٩٦٨ ونفذت عام ١٩٧٠ ، وعليه ،ولتجنب كوارث صحية جديدة، يأتي دور منظمة الأمم المتحدة لإعادة النظر في تنظيم العلاقات الدولية في مثل هذه الظروف الأستثنائية،وعقد المؤتمرات والخروج بمعاهدة دولية موقعة من جميع الدول الأعضاء تُعنى بالعلاقة الجيوصحية والتعاون الشامل في حال حدوث كوارث وأوبئة متداخلة جيولوجيا وبيئياً.
* الدكتور كمال الزغول ،كاتب وباحث في التاريخ السياسي الأمريكي، دكتوراه في الفلسفة تخصص تاريخ وتاريخ الأدب والجغرافيا.