أوراق ميديا – زيدان محمود
المدرب والمشرف التربوي زيدان محمود يتكتب لأوراق ميديا
هل نحن بحاجة إلى إنشاء مركز وطني للقياسوالتقويم بالأردن ؟
موضوع النقاش بدأ من سؤال :
هل طالب التوجيهي يحتاج إلى دورة تأسيس أو أن يدرس خصوصي ببطاقة أون لاين أو مركز تعليمي أو حتى دراسة منزلية؟ أم لا يحتاج؟
من وجهة نظري كتربوي بخبرة ناهزت 28 عاما.
إن الموضوع متشعب ولا يدلى فيه بدلو واحد أو من وجهة نظر واحدة فهناك عدة وجهات نظر منها:
وجهة نظر الطالب الذي يرى ضعف شديد في مدرسه بالمدرسة، فيلجأ إلى منصة تعليمية أو مركز أو دراسة منزلية كلا حسب مقدرة أهله المادية ، وقد يكون هذا الطالب مستواه ممتاز فيكشف ضعف المعلم في المادة العلمية، وقد يكون الطالب ضعيف علميا لا يلبي معلمه متطلبات التأسيس التي يريدها لردم الفجوات في بنيته المعرفية بسبب جائحة كورونا وغيرها من الأسباب، وهذا موضوع يحتاج جلسات حوارية من أهل الاختصاص بالقياس والتقويم واختبارات كاشفة للبنى المعرفية لدى الطلبة ووضع خطط علاجية تتناسب مع مستوى كل طالب حسب قدراته وإمكانياته، نعم هنا أطالب بتفريد التعليم والتعليم الإتقاني.
وهناك وجهة نظر المعلم الذي يعتقد أنه قدّم كل ما يستطيع في ظل الظروف المتاحة له من إمكانيات ونصاب لحصص المادة ومختبرات وميزانيات والبعض يرى أن الطالب لا مبالي وغير مهتم ولابد من زيادة القيود على الحضور والإنصراف لإجبار الطالب على حضور الحصص.
وهناك من المعلمين من يرى أنه يحتاج تطوير وتدريب ويأخذ بزمام المبادرة وينطلق بدراسة الدبلوم أو الماجستير في التربية ويدفع من أمواله الخاصة في دورات تدريبية نوعية ترفع من قدراته في عمليات التخطيط للتدريس وتنفيذ وتقويم التدريس والإدارة الصفية التي تبني اتجاهات وقيم لدى طلابه تؤدي إلى رفعة المجتمع.
وهناك للأسف من يرى نفسه فوق التطوير وهنا الطامة الكبرى .
وهناك ولي الأمر الذي يرى أن ولده لابد له أن يحظى بكل الاهتمام والتعليم والتعلم ويخاف من كلمة يقولها له ولده “ترى برسب” !!!!
هذه الكلمة العجيبة تجعل الأب والأم يقدموا تنازلات كثيرة ومنها شراء بطاقة لمعلم كثير السباب مثلا أو يُهرج أكثر مما يعلم، يعلمون يقينا أنه يضر بتربية ابنهم أو ابنتهم أكثر مما يفيد، ولكنهم مع الكلمة السحرية “برسب” يصبحوا دون حول ولا قوة.
أم تريدونها من وجه نظر المشرف التربوي الذي يرى تقصيرا واضحا من الجميع حتى من نفسه على مستوى البنى المعرفية للطلبة والفاقد التعليمي و …. . ويحاول الإصلاح بقدر المتاح.
الموضوع لا يطرح بهذه الطريقة السطحية، لأنه يحتاج بيانات على مستوى المملكة بكل مدنها وقراها وبواديها واختبارات تشخيصية واختبارات تكوينية وقدره على اتخاذ قرار بشأن الاختبارات النهائية التي تحكم على الطلبة في برامج الانتقاء والتسكين.
هذا كله لابد أن يكون صادرا عن مركز وطني للقياس والتقويم يكون جهة محايدة وذات استقلالية مادية واعتبارية وترتبط بصاحب الصلاحية العليا في التعليم ” مجلس الوزراء” لاتخاذ القرارات المناسبة للتعليم الثانوي.
في النهاية هناك الواقع الذي نعيشه وفيه تناقضات غريبة عجيبة في التعليم على مستوى العالم مثلا لو كان اليوتوب حاضرا وأنا طالب في 1991 م ودرست الفيزياء على يد البروفيسور ولتر لوين وغيره من عمالقة الفيزياء على مستوى العالم لكان الوضع اختلف كثيرا معي ولم أحتج إلى بذل جهود كبيرة ومضنية لفهم أعمق للفيزياء. الأبناء الآن لديهم كامل الفرص المتاحة ليحصلوا على تعليم نوعي مميز بغض النظر عن المصدر هل هو المدرسة أو يوتوب مجاني أم منصة تعليمية أم مركز تعليمي وهناك المأمول: أن يكون التعليم الحكومي هو فقط كافي للطالب وطموحه ويكون هو فقط المصدر الأساسي للتعليم والتعلم. وما بين الواقع والمأمول لابد لنا أن لا نلعن العتمة ونشعل شمعة ونؤمن أن القادم أجمل لنا ولأولادنا في هذا الوطن الذي نحبه جميعا ونعمل من أجل رفعته.
في الختام، نعم نحن نحتاج إلى مركز وطني للقياس والتقويم يقوم بأدوار كثيرة من أهمها وضع البيانات عن المستوى الحقيقي للتعليم في المملكة أمام صاحب الصلاحية لاتخاذ القرارات الناجعة في التطوير والتحديث لمنظومة التعليم والتعلم.
بقلم زيدان محمود / مدرس فيزياء ومشرف تربوي.